النقطة تفرق ماذا أقصد بذلك؟ أقصد الاهتمام والالتزام بأدق التفاصيل من دون إفراط ولا تفريط، فعندما تعطي موعدا يجب أن تلتزم بذلك الموعد ولا تقول تأخرت قليلا كلها 10 دقائق، فالدقيقة عند البعض تفرق.
عندما تؤدي عملك يجب أن تؤديه بإتقان وكما وعدت الآخرين من غير نقص ولو بسيطا، واعلم أن تفاضل المشاريع المنجزة وتميزها يتكون باللمسات الأخيرة، ولا تقل «هذا شيء بسيط لا يفرق».
عداء المسافات القصيرة قد يتفوق بالسباق بأجزاء من الثانية فالنقطة تفرق.
في العمل بكثير من الأحيان مقولة «لا تدقق» تكون خاطئة، فالنقطة تفرق.
هل ترضى أن نقول لك: لا تدقق لقد أنقصنا راتبك صفرا من الرقم الكلي، فهل سترضى وتقول النقطة «لا تفرق»؟! بل لو ضربنا بلغتنا العربية لكان هناك الكثير من النماذج والأمثلة العملية، فكلمة جبل على سبيل المثال إن وضعنا النقطة فوق الجيم أصبحت خبل وتغير المعنى فالنقطة تفرق.
اعلم أنه في كثير من الأحيان الفرق بين الشيء الجيد والشيء الرائع هو الاهتمام بالتفاصيل، وقد تكون الكارثة بسبب أننا نسينا النقطة وحينها سنتأكد من أن النقطة تفرق.
لا تحاول أن تقلل من أهمية التفاصيل إن كانت على غيرك وإن أصابتك تغير رأيك فيجب أن تكون صاحب مبدأ، وإذا قلت إن النقطة تفرق فطبق ذلك على نفسك قبل أن تطبقه على غيرك.
وهل النار إلا من صغار الشرر، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى فيها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا» (رواه الترمذي)، فكلمة قد تهوي بصاحبها في النار والعياذ بالله، والتي قد يستسهلها البعض، فالنقطة تفرق.
فديننا يحثنا على الالتزام بالأوقات، وإتقان الأعمال والوفاء بالوعد وحفظ الأمانات، وأداء الزكاة، بما قدره لنا رب السماوات.
فالزكاة 2.5%، ولا نستطيع الصلاة قبل دخول الوقت، ولا نستطيع الإفطار في حال الصيام قبل غروب الشمس، وغيرها من أمثلة، فالشعوب المسلمة يجب أن تكون دقيقة ومنظمة وليس العكس، وأن نكون أكثر من يقولون ويفعلون بمقتضى مقولة النقطة تفرق.
هذه دعوة لأن نكون دقيقين وحريصين ومتقنين في جميع شؤون حياتنا، فالخط إن كان ميله قليلا، مع استمراره بالميل سيكون اعوجاجه بعد حين كبيرا.
اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين المتقين المتقنين المفلحين، وأسألك أن تحسن خاتمتنا وتظلنا تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.