للثاني من أغسطس طعم المرارة والألم من غدر الشقيق، عذابات وآلام عاشها الكويتيون في الوطن والمنافي القريبة والبعيدة، تضحيات بالدماء، بطولات سجلت بأحرف من نور، وصفحات مشرقة من الإيثار.
يقفز إلى الذهن في مناخات الذكرى حضور شباب الكويت في ملحمة عنوانها رفض الاحتلال الغاشم للبلاد، الاندفاع الى الحدود القصوى في مقاومته واستعادة الكويت حرة أبية، حاضنة لأبنائها، شريكة في كل ما هو فيه خير العرب والمسلمين، ويدا ممدودة لكل ملهوف في أرجاء الأرض.
كان لالتفاف الشباب الكويتي حول قيادته الرشيدة التي واصلت الليل بالنهار من أجل بزوغ فجر الحرية، وتدافعه في كل الاتجاهات لتجاوز المحنة التي حلت بالبلاد والعباد دوره الكبير في انتصار الحق على الباطل.
تحول فعلهم الى إيقاع واحد متماسك في أوركسترا عنوانها التمسك بتقاليد الأسرة الواحدة التي تجمع أبناء البلاد من أقصاها الى أقصاها، الثقة بقائد المسيرة، للوصول الى شاطئ الأمان، وتكريس تجربة تنضم الى تجارب مشرقة في دحر الظلم.
استكملوا دورهم في بناء ما دمرته آلة الحقد والعدوان، ضربوا مثلا آخر في إعادة الحياة الى طبيعتها، فاتحين أذرعهم لمستقبل مفرداته الأمن والأمان والاستقرار والرخاء، تستحقه البلاد وأهلها.
مرت ثلاثة عقود ونيف على الكارثة التي استطاعت البلاد اجتيازها بوقوف الكويتيين سدا منيعا أمام محاولات تشتيت صفوفهم ودفاعهم عن حقهم في المستقبل بحيوية الشباب وحكمة الشيوخ، ومازالت تجربة الغزو الغاشم غنية بدروس ينقلها الذين عاشوها شبابا وباتوا كبارا لأجيال تطالعها في كتب التاريخ، تتباين قراءاتها للعبر بحكم الزمن واختلاف المشارب والرؤى، وتلتقي إرادتها ونواياها عند الحرص على تجاوز ما استجد من التحديات في منطقة مفتوحة على عالم من الأزمات.
تركت تلك المرحلة من تاريخ البلاد ما يستحق إعادة تقليب الصفحات، استقاء الدروس منها لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية والسير على الطرق الآمنة في زمن المتاهات والمنعطفات الحادة، ولعل أول دروس الثاني من أغسطس وأكثرها إثارة للاهتمام تكاتف الكويتيين، التفافهم حول قيادتهم ومؤسساتهم، ضخ حيوية الشباب في عروق عملية نهوض وبناء تحافظ على المنجز وتضيف إليه، وفي ذلك ما يضمن للكويت وأهلها عبور عاصفة الأزمات التي يشهدها العالم.