كم هي كثيرة تلك الأساليب التي مهما قزمنا من حجمها، أدى التغاضي عنها إلى بروز أخطار باتت تهدد قيم مجتمعاتنا في صلب شقها الأخلاقي كـ «التملق» وما أدراك ما التملق، ولمن؟!
لتفهاء وسفهاء ومشاهير السوشيال ميديا وبعض من يسمون انفسهم بنشطاء (سياسي، اجتماعي.. إلخ) للأسف، الذين عرفوا بالسفه، هم صنف لا يمكن أن يخلو المجتمع من وجودهم، وهذا الصنف أنعم الله علــى بعضهم بالمال، سواء أكــانت أموالهم أم أموال غيرهم مما أدى لإفســادهم والمجتمع حولهم، فيــظهرون للعامة ويمارسون طــقوسهم، تبذيرا، أو عبثا، أو لهوا، أو إنفاقا مجحفا في غير اللائق من أمور الحياة.. إلخ.
وهذا ان دل فهو يدل على خفة النفس لنقصان العقل، فكم لاحظت في الآونة الأخيرة، صدقا ومن دون مبالغات، حتى من كنا نظن بهم خيرا صار يتملق لهم!! يلاطفهم، يلتصق بهم، يتقرب منهم!!
وعلى ماذا؟ المال، الشهرة؟! ممتلكات مختلفة؟!
مقتنيات ثمينة!؟
فذلك راجع لأمرين اثنين: أولهما فقدان كثير من الناس لعزة النفس، وثانيهما عائد إلى أن المرء اليوم أصبح أكثر حبا للمداهنة، فقد بلغنا في السذاجة مبلغا.
أما المتشبع بالقيم الأخلاقية فيأبى أن يمس الخنوع ذاته.
الآن في كثير من الأحيان لم يعد الاستحقاق مرهونا بما تملك من كفاءة وسعة أفق بقدر ما هو مرتبط بمدى إتقانك لأساليب التملق، والذي بفضله ستجد نفسك في الصفوة والمقدمة على غرار غيرك الذي يسلك الطرق السوية، مما يعني أن المقامات الدنيوية لا سبيل لصعودها إلا بالتملق.
وما نراه اليوم في واقعنا مهين جدا، وفيه من الابتذال والخنوع الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يبرر بمحبة أو إعجاب، لدرجة أن الكثيرين أصبحوا يؤمنون بأن التملق هو أقصر الطرق التي توصلهم إلى مبتغاهم المطلوب، وإن كان غير مستحق وتنقصه المقومات الحقيقية.
لكن المظاهر في هذا الزمن اصبحت تحكم كل شيء، والطامة الكبرى أنها تخدع كثيرا من الناس ويسير وراءها الكثير من الفئات شباب، رجال، نساء، مراهقين.. إلخ، إلى ان تغيرت مظاهر الحياة وطريقة العيش حتى أصبحت لدى الكثيرين أمرا لا مناص منه.
ظــاهرة الاهتمام بالمظاهر الخــداعة مشكلة تؤرق المجــتمع وتشكــل عبئــا كبيرا على الأسر والأفراد لما لها من تبعات وانعكاسات وآثار سلبية، إلا انك تجد المتملق لتلك المظاهر يحاول إقناع نفسه ظاهريا بأنه غير مخطئ فيما يفعله، ولكنه يظل داخليا واقفا على أرض غير ثابتة، مما يعني استمرار شعوره بعدم الأمان والتوتر في علاقاته، بسبب أن من حوله استطاعوا إدراك حقيقة أفعاله وتصرفاته، فيفضلون بذلك تجاهله أو الابتعاد عنه.
فالتملق أساسه الأخذ فقط وليس العطاء والوفاء لأهله، فلا يغرنك الوصول السريع للمتملق، لأن سقوطه أسرع، نظرا لكونه بني على أشياء لا قيمة أخلاقية لها.
وفي نظري أنه لا أحد مجبر على التملق ما دام أن ضميره حي ودرجة تقواه مرتفعة، وإن كانت البيئة المحيطة به مشجعة على ذلك.
قد حان الوقت ليقف المتملق ويفكر مليا في تصرفاته وطرق تعامله.