الشباب عماد الأوطان، ذخرها وذخيرتها، وشمس نهارها الذي يبدد ظلمة المحن والخطوب، وتولي جميع الدول اهتماما كبيرا بالشباب، فتضع الاستراتيجيات الشاملة، والخطط المتكاملة، بما يضمن تطورا مطردا في جميع المجالات خلال فترة زمنية محددة، وتلك الاستراتيجيات والخطط تعتمد في جوهرها على العنصر الشبابي، فهم القوة المحركة، والطاقة المتجددة، وهم إشراقة المستقبل وقادته.
بالأمس.. احتضنت المملكة العربية السعودية قمة سياسية استثنائية على المستويين الإقليمي والدولي، وفي ظروف دولية بالغة الدقة والحساسية، حرب روسية ـ أوكرانية لا يعرف الكثيرون منتهاها، وتبعاتها، وما بين العودة واللاعودة يتأرجح الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، على حبال المباحثات، والصفقات، والمناكفات السياسية، واقتصاد عالمي يبحث عن التعافي بعد تعرضه لوباء غير متوقع أدخل بجسده الكثير من العلل، وزاده نصبا على نصب، وجائحة «أكلت الأخضر واليابس» من مقدرات كثير من شعوب المعمورة.
اختتمت «قمة جدة» ذات الرؤية الجديدة للمنطقة ببيان وضع النقاط على الأحرف، وما كان تخمينا بالأمس أصبح معلوما وعلى رؤوس الأشهاد اليوم، وبعثت الرسائل واضحة المعاني في جميع الاتجاهات، دعوة لمزيد من التكاتف والتشاور والتنسيق، وعهد جديد من التعاون، ويد ممدودة دائما للمساعي الخيرة التي تصب في صالح البشرية، ووقف للتدخلات بشؤون الدول، وحل لمشكلة الشرق الأوسط الأزلية، يشترط لفلسطين أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة قادرة على البقاء، والتزام رسمي من أقوى دول العالم بأمن الشرق الأوسط، تلك الرسائل العديدة المباشرة.
وقد ساعدني الحظ بتلقف رسالة غير معلنة وليست سرية أيضا، بل كانت حاضرة في كل حين بين زوايا المشهد العام في قمة جدة للأمن والتنمية.
الشباب السعودي كان في القمة «يوم القمة»، تحضر جيدا لكل التفاصيل، ورسم آلية عمل بالغة الدقة، بدءا من وصول القادة حتى مغادرتهم، وظهر ذلك جليا من خلال التنظيم الاحترافي، والحركة المدروسة الواثقة، والابتسامة الحاضرة دوما، والإلمام المعرفي بمتطلبات المكان والزمان، فلا ارتجال في الأفعال، ولا غموض في الأقوال.. شباب يكشف عن هوية عصرية للمملكة، متسلح بأحدث العلوم، وذو اطلاع واسع، ولسان فصيح في مختلف اللغات، مقبل على التحديات بهمة المنتصرين، ورؤية العارفين، وبهمة لا تلين، وكأنه يقول «سنرتقي قمم الجبال، وكأنها سهول منبسطة»، ويردد مع سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن.
«فوق هام السحب وإن كنت ثرى.. فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى»
«نستاهلك يا دارنا حنا هلك.. أنت سواد عيوننا شعب وملك»
[email protected]