تغولت آلة القتل الإسرائيلية في وحشيتها، مواصلة حملة إبادة جماعية على الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، ردا على العملية العسكرية النوعية المسماة بـ «طوفان الأقصى»، التي نفذتها «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل أسبوعين، والتي جاءت ردا على الانتهاكات المتكررة، والتنكيل المستمر لكل ما هو «فلسطيني» من قبل حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، ليستغلها أحد أكثر رؤساء وزراء الكيان المحتل تشددا، «فرصة ذهبية» للتخلص من صداع الانتقادات الحادة، والمظاهرات الحاشدة لحكومته في الداخل، ليعلن حربا دموية غير متكافئة على أكثر من مليوني فلسطيني أعزل في غزة.
لم تدخر القوة الهمجية للكيان الغاصب وسعا في ضرب كل القيم الإنسانية عرض الحائط، تحت غطاء غربي وضع جانبا كافة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وحرمة أرواح المدنيين، متذرعا بأن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها»، وتلك حجة واهية، فالدفاع عن النفس لا يكون بقصف مستشفى (المعمداني)، والكرامة لا تستعاد بقتل الأطفال، وتشريد المسنين، والسلام لا يرتجى وأنت تمارس حرب إبادة مفتوحة تستهدف الأبرياء، والمستشفيات، ودور العبادة، والمدارس، والتجمعات السكنية المدنية، دونما استثناء، وبسياسة الأرض المحروقة، بلا أدنى وازع أخلاقي، أو احترام للقوانين الدولية.
تطالعنا المشاهد الموجعة من غزة يوما بعد آخر، ويبهرنا أهلها بصمودهم، وصبرهم واحتسابهم، وقوة بأسهم، يرفع طفلته إلى السماء قائلا: «فداء للقسام»، ينكب على صدر طفله باكيا «سألقاك في الجنة»، يرفع صوته بحرقة المفجوع «وما النصر إلا صبر ساعة»، تلك نماذج مختلفة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية لرد فعل أهل غزة، وهم يتلقون بصدور عارية، وأياد متضرعة إلى بارئها، هجمة «نازية» متوحشة، وقصف بربري أعمى، وكأنهم يرسلون لنا وللعالم أجمع رسالة مفادها «سنبقى صامدين».
مقاومة المحتل حق الشعوب المطلق منذ بدء الخليقة، لا ينازعها قانون، ولا تقهرها قوة غاشمة، وفلسطين ليست استثناء، وكلما كبرت التضحيات الجسام، التصقت الأرض أكثر بأهلها، والأرض الطاهرة تلفظ الغاصب، وتركن دوما إلى أهلها وإن طال الزمان.. فما بالك بأرض أولى القبلتين وثالث الحرمين؟!
[email protected]