غالبا ما نركز على أحداث الحياة الخارجية، والتحديات التي تجابهنا على أرض الواقع، والأشخاص الذين ننافسهم أو نتصارع معهم، بينما نغفل عن مراقبة ما يدور في أذهاننا من أفكار، وتسليط الضوء على ما يعتمر في ذواتنا من صراعات داخلية تلعب دورا محوريا في شكل الحياة التي نعيشها.
في هذا العالم، هناك العديد من الأعداء الخارجيين بانتظارك، من بينهم أعداء النجاح وأي أشخاص لا همّ لهم سوى تحطيم معنويات الآخرين والقفز على أكتافهم دون أي اعتبارات أخلاقية أو إنسانية. وترتكز مهمتك بهذا الصدد في عدم السماح لأحد بالتأثير فيك أو النيل من عزيمتك، بحيث تمضي قدما إلى الأمام لا يعيقك عن بلوغ أهدافك أحد، مؤمنا برسالتك وموقنا بقدرتك على تحقيق ما تصبو إليه.
وإلى جانب تلك الحروب الخارجية التي لابد لنا من خوضها، هناك حروب داخلية قد لا نلقي لها بالا ونغفل عن آثارها المدمرة على صحتنا النفسية والجسدية. حيث تشير العديد من الأبحاث في السنوات الأخيرة إلى أننا نفكر في المتوسط ما بين 60.000 و80.000 فكرة في اليوم الواحد، ومعظم هذه الأفكار سلبية.
هذا يعني أن معظم الناس يقضون جل أيامهم وهم يشتكون ويلومون الظروف والآخرين على ما هم فيه من إخفاق وتعاسة. وبعضهم الآخر يصرف ساعاته في لوم الذات وتأنيب الضمير بدلا من تحسين جودة حياته. أما قلة من البشر فهم أولئك الذين أدركوا أن الانتصار في أي حرب خارجية لا يتحقق إلا بعد أن ينتصر المرء على الحروب المشتعلة في داخله، فيستثمرون أوقاتهم في النمو وتحقيق الإنجازات.
في كل يوم يمر من حياتك هناك حرب تجري في أعماقك، حيث تتصارع الأفكار السلبية مع الأفكار الإيجابية محاولة تثبيط همتك ودفعك إلى التكاسل والجلوس دون فعل أي شيء إزاء حياتك الشخصية والمهنية بدافع من فطرية العقل الذي يميل إلى تجنب أي عمل يحتاج إلى جهد ذهني، في مقابل الترحيب بأي شيء مريح لا يكلفه عناء التركيز مثل مشاهدة الأفلام والمسلسلات، وإضاعة الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي دون هدف مفيد، والتسكع مع الأصحاب بشكل مفرط عوضا عن تقسيم الوقت بذكاء، واستثمار القسم الأكبر منه في العمل والإنجاز، مما يعود بفوائد لا تعد ولا تحصى على جميع مناحي حياتك.
إن الفشل والتعاسة اللذين تتكرر صورهما المتنوعة في حياة البشر، ما هما إلا نتاج انهزام المرء في المعركة أو المعارك التي تجري في داخله. ففي كل يوم أنت أمام عشرات الخيارات، إما أن تضيع الساعات فيما لا ينفعك، أو تستغلها فيما ينفعك. إما أن تسرف في الأكل فتؤذي صحتك، أو تلتزم بنظام غذائي متوازن تحافظ من خلاله على عافيتك وطاقتك. إما أن تصرف ما في الجيب دون أي حساب للأيام القادمة، أو تترك قرشا أبيض لليوم الأسود.
وبالتــالي، بنـاء على نتيجة هذه المعــركة الداخلية يتحدد شكل حــياتك ومصــيرك. فإذا أردت النجاح فعلا، عليك أن تنتصر على شهواتك ورغباتك الآنيــة، وتسعى للحصول على الجائزة الكبرى باذلا أقصى طاقتــك، بدلا من الاكتفاء بتلك المتــع اليومية الصغيرة التي تحرمك لذة الوصول إلى الأهداف الكبرى.
لهذا كله، قبل أن تحاول الانتصار في معاركك الخارجية، احرص على الانتصار في المعركة التي تجري بداخلك. فعالمك الخارجي ليس سوى انعكاسا لعالمك الداخلي، فإن أنت انتصرت على ذاتك استطعت الانتصار على أي تحد خارجي. ذلك أن عظيم النفس تصغر في عينه الصعاب مهما اشتدت، بينما تعظم صغائر العقبات في عين ضعيف النفس فتبدو كالجبال الشاهقة.
Instagram: @hamadaltamimiii