في ظل الارتياح العام المشوب بالتفاؤل بالإعلان عن تسمية السيد هاشم سيد هاشم وأعضاء مجلس الإدارة لمؤسسة البترول استبشر الموظفون في القطاع والمراقبون الخارجيون بهذه التعيينات وكلهم أمل في أن ينطلق قطار التطوير والتنمية للقطاع النفطي إلى مستقبل أفضل للوطن وأبنائه.
ولعل الكلمات الأولى التي أدلى بها السيد هاشم بعد صدور مرسوم التعيين تدل دلالة واضحة على الخطوط العريضة لاهتمام الإدارة الجديدة بالشباب الكويتي وتطويره والسعي لرفع مستوى المؤسسة إلى العالمية في الريادة.
لذا فإنه بات من المهم إطلاق «مشروع التغيير» في أولويات المؤسسة وإعادة ترتيبها لتتناسق مع الأهداف والرؤى الجديدة خصوصا مع وجود تناغم فني بين إدارة المؤسسة ومجلس إدارتها الجديد الذي يضم نخبة من الخبراء الممارسين للمهنة والمشهود لهم بالأمانة والكفاءة.. مع أملنا أن يكون وزير النفط مظلة آمنة تسهل للقائمين تحقيق أهدافهم وخططهم لخدمة الوطن وتنمية موارده، ولعل أهمية «مشروع التغيير» تنطلق من الحاجة لمعالجة بعض التراكمات السابقة التي طالما عاقت سبل النجاح والتطوير، منها:
٭ استحداث آلية علمية متطورة لاختيار القياديين على جميع المستويات وتأخذ بعين الاعتبار معايير ترتكز على الكفاءة، ومهارات القيادة والإنجازات الفعلية وليس فقط التركيز على الأقدمية (الأسلوب المتخلف إداريا) ولتحقيق ذلك يجب ان تشكل لجان محايدة لتمحيص المرشحين لاختيار الأفضل.. فبذلك يمكن اعتماد آلية تساهم في تحقيق العدالة وتحجيم التدخلات من خارج القطاع وتضمن النجاح للقطاع بكل إداراته.
٭ إطلاق مشروع الإحلال الفني والإداري للشباب الكويتي في القطاع وشركاته لاكتساب الخبرة من الطاقات الفنية الأجنبية وإعداد أبناء الوطن وتأهيلهم لأخذ زمام المبادرة في تولي تلك المسؤوليات.. وهذا لا يتأتى إلا بإلزام الخبرات الأجنبية الحالية بنقل تلك الخبرات مما يضاعف فرص إيجاد وظائف لأبناء الوطن الذين تزايد عددهم بشكل هائل وأصبح لدينا فائض «فني» متاح لا يجد فرصة له في وطنه.
٭ استحداث نظام متطور للحوافز المادية لموظفي القطاع مرتبط مع تحقيق الأهداف التشغيلية لكل قطاع والبعد عن أنظمة رتيبة عامة تشمل الأكفاء من العاملين وغيرهم، وسوف ينعكس مثل هذا النظام على المؤسسة بنتائج مغايرة عما سبق خصوصا أن الأهداف الموضوعة ذات طموحات كبيرة فيما يتعلق بالإنتاج والصيانة والسلامة.
٭ لقد حان الوقت لإعادة النظر في استراتيجية المؤسسة في ظل التغييرات الجوهرية التي ستطرأ على السوق النفطية مستقبلا.. حيث ستكون الأسواق المستهلكة للنفط مصدرة له مثل السوق الأميركية واستحداث الطاقات المتجددة البديلة لاستخدام النفط للطاقة الكهربائية وهو القطاع الأكبر في الاستهلاك، لذا من الأجدى النظر في القيم المضافة «لبرميل النفط» والسعي لتوطين الصناعة النفطية في الكويت بدلا من استراتيجية زيادة الإنتاج للتصدير.
لأن السوق العالمية ستكون مستوعبة للمنتجات البتروكيماوية بكميات أكبر بكثير من النفط وبأسعار تضاهي سعر برميل النفط المتنازع عليه.. فإن الدعوة تنحصر في إطلاق مزيد من مشاريع البتروكيماويات في الوطن بوتيرة أسرع.
٭ من أجل تبني هذا التغيير في التعامل مع النفط والغاز مستقبلا فإن إدخال القطاع الخاص في الاستثمارات البتروكيماوية والمشاريع النفطية العملاقة بات مهما، وقد أثبت نجاحه على أرض الواقع.. ونجاح شركتي بوبيان والقرين للبتروكيماويات والتي يتجاوز عدد المساهمين الكويتيين فيهما الـ 60 ألفا دليل قطعي على جدوى مشاركة القطاع الخاص لإنعاش السوق المحلية ودعم للاستثمار الوطني، ناهيك عن إمكانية استقطاب المستثمر الأجنبي ولو بنسبة متواضعة لكسب الخبرة الفنية والتقنية المتطورة التي ما زلنا في حاجة لها لتحسين الأداء وتطوير سبل العمل النفطي.
٭ أخيرا وليس آخرا.. وإن لم يكن سهلا او متاحا إلا انه ضروري ومفيد لمستقبل الوطن وثروته من الموارد الطبيعية من التدخل غير المسؤول من الأطراف الخارجية ذات الصفة السياسية غير الفنية في إدارة المؤسسة وعملها.. ان دراسة «فصل المؤسسة عن وزارة النفط» مطلب شعبي مهم بسبب تعثر المؤسسة المتكرر في السنوات الماضية في تحقيق أفضل السبل في إدارة مشاريعها مستقلة بذاتها بعيدا عن الروتين والبيروقراطية، ولنا في الشركات الخليجية قدوة حسنة مثل أرامكو وأدنوك والقطرية للبترول، حيث الاستقلالية في اتخاذ القرار الفني والإداري ونظام الحوافز والمكافآت، ناهيك عن آلية المناقصات في طرحها وترسيتها.. المعاناة يعرفها القائمون ويعانون منها أكثر من غيرهم.. ونتمنى عمل دراسة من جهة محايدة توضح إيجابيات فصل المؤسسة عن وزارة النفط وسلبياتها (ان وجدت) لتكون مرجعا للمستقبل، حيث إننا سنكون بحاجة ملحة إليه.
نتمنى للجميع التوفيق في خدمة الوطن وأبنائه وثرواته.
Alterkait_hamad@