مفهوم المرأة العصرية، أيقتصر على حرية المرأة باللباس واختيار الزوج المناسب لها وأسلوب حياتها ونوعية العمل أم هو مفهوم عام لحياة تتلاءم مع تغيرات العصر برتمه السريع؟
أتابع حال المجتمعات الخليجية والعربية باهتمام ووضع مجتمعنا الكويتي بعين فاحصة وأستمع بحرص للكثيرات وأحاورهن فيما أراه وأسمعه وما أقرؤه حول التغيرات العديدة في حياتنا النسوية وأحيانا تصدمني جملة «إنها الحضارة والتطور»، وقد تتطاول إحداهن لإنهاء الحوار بالقول كفاكم رجعية وتخلفا، مما يمثل الإفلاس الحقيقي في الحديث.
كثيرا ما تستوقفني مشاهدات متعددة لنساء وفتيات يتعمدن إبراز مفاتنهن بقصد أو من دون قصد، وانتشرت ظاهرة تعري بعض النسوة لتسويق بعض المنتجات في دولنا وكان للسوشيال ميديا الدور الأبرز، كما تشجعت الكثيرات على طلب الطلاق أو خلع أزواجهن أو رفض مفهوم الزواج برمته للتمتع بالحرية الشخصية حسب قولهن، والأغلب يرى في الاستقلال المادي قوة لمواجهة الزوج والأهل والتعامل بندية حتى داخل بيئة العمل، وبدأنا نسمع تصريحات علنية برفض الإنجاب أو الاقتصار على طفل واحد خوفا على جمالهن الذي دفعن آلاف الدنانير عليه وعلى استعداد تام للاستسلام لأيدي دكاترة التجميل مرات ومرات.
قضية مساواة المرأة بالرجل أصبحت من الأطروحات التي لا تنتهي ومجاراة الموضة العالمية على علاتها دليل حسب رأيهن على التحضر وحرية شخصية وقرار خاص، وتمادى ذلك ليأخذ صورا مختلفة منها الصداقة بين الجنسين والانفتاح التام حتى في العلاقة المحرمة، هذا عدا التدخين وغيرها كثير من الأمور التي قد تملأ الصفحة.
لا أقول إنني على حق وإن الآخرين على باطل، حاشا لله ولكنها اجتهادات انسانة عركتها الحياة ولاتزال تتعامل بكل ود مع كل التوجهات الفكرية والاجتماعية، المجتمع الإنساني هو أساسا عبارة عن ذكر وأنثى، وبالتزاوج السليم يعمر الكون وبالتفاهم والتجانس يربى الأبناء براحة نفسية واستقرار، ولو تأملنا كل البيئات الحيوانية والنباتية لوجدناها ذكرا وأنثى، فإذن لا يمكن إلغاء طرف لحساب آخر لأنه أمر ضد الفطرة، لا ننكر أنه قد أتت فترات على المجتمعات عانت من تسلط الرجال وتحكمهم ولكن الأمر تغير الآن، وإن وجد فبحدود ضيقة، أما فكرة استقلالية المرأة التامة فهو أمر يتنافى مع طبيعتها البشرية، كما لا يمكن للمرأة أن تعيش حياتها في زخم عمل متواصل لأن كينونتها البشرية ستطالبها باحتياجات فطرية وأقواها أن طبيعتها الجسمانية أقل احتمالا للضغوط الجسدية ومهما غالبت نفسها وأنكرت ستصبح عرضة للإجهاد والأمراض وقد تصل الى مرحلة النفور التام لما كانت تقوم به في السابق، لقد أقحمونا في مفهوم صراع الرجل والمرأة، وفي الحقيقة هو صراع وهمي فالرجل والمرأة يمثلان التكامل في الحياة.
الأمومة نسمة العطاء اللامحدود للمرأة والدور الأساسي الذي نقوم به في الأسرة لن يتوافق مع ساعات العمل الطويلة أو الانفلات في حياتها وبما يتماشى مع رغباتها، رعاية الأبناء وإدارة المنزل ستتراجع حتى وإن توافرت المربية ومعها أسطول من الخدم فإنهم لم ولن يغنوا عن حضن الأم ومسحة يدها على رأس أطفالها أو ابتسامتها في وجوههم، ودعائها ودعمها لهم لمواجهة الحياة.
مفهوم الحرية أصبح شعارا براقا لكل انفلات وشوهت معانيه لتجرف المجتمعات البشرية نحو الانحلال والتفسخ والمبالغة في الحياة، وأنكرنا كمسلمين ثوابت ديننا وتقاليد مجتمعاتنا واعتبرناها قيودا تمنعنا من التمتع بمباهج الحضارة المزيفة، ابتعدنا عن فهم ديننا ولم نستوعب منهجيته في الحياة، ولو تأملنا سير أمهات المسلمين والصحابيات لوجدنا فيهن النماذج الحقيقية لإدارة الحياة والعمل والإنتاج، فالإسلام لم يلغ أبدا دور المرأة، بل إن الله قد سمع شكوى امرأة وأنزل قرآنا يتلى حتى هذه الساعة لحل قضيتها..
كونك امرأة لا يعني أبدا الضعف والذل بل أنت باب من أبواب الجنة والكيان الذي تقوم عليه الحياة.
[email protected]