الطبيعة البشرية خليط من الصفات النبيلة والسيئة، فالجسد الإنساني يحتضن التناقضات، وهناك من استطاع «سقي» بذور الخلق النبيل، وجفف ينابيع الخلق الذميم، حتى تحولت نفسه إلى نفس نبيلة كارهة للمساوئ، وهناك من استسلم للخلق الذميم وتعاطى معه بكل أريحية، وجفى وتناسى الخلق الكريم، حتى تحولت نفسه إلى عشق المساوئ!
إذن، هي طبائع مختلفة، وتختلف مع تعاطي كل إنسان معها، وكل إنسان مسؤول عن نوعية الشيء الذي يريد ترسيخه في نفسه، إن كان نبيلا أو سيئا.
ومن أسوأ الصفات أن يكون الإنسان بخيلا، وبخيلا بكل شيء!، بخيلا في المشاعر الطيبة والكريمة، فلا يحرم، ولا يكرم، ولا يأمر بخير، ولا يدعم الفضيلة، ولا يحث على مكارم الأخلاق والمعروف، ولو بكلمة، ومثل هذا وأشكاله قد يصدق عليهم وصف بعض أوساط المجتمع في كلمة شعبية مختصرة، وهي: «الجعوص»، و«الجعص» هو وصف يطلق على شديد البخل الذي لا يتفاعل أي تفاعل إيجابي نحو الغير، وليس به سمة من سمات الكرم!
ومن المعيب ألا يكون الإنسان «كريما» ويميل إلى «الشح»، ولا أقصد بالكرم هنا المفهوم الضيق له، بل أقصد المفهوم الواسع للكرم، والذي منه «الكلمة الطيبة»، فالكلام الطيب خير من أموال تمنح، أحيانا كثيرة!
***
نعود إلى موضوع «الجعوص»، أي أصحاب البخل المتناهي، فعلينا جميعا العمل على تحييد «الجعوص» من كل موطن ومكان، حتى يأمن المجتمع على نفسه!
فعندما يكون الإعلامي «جعص»، أي بخيل من حيث المادة الإعلامية الهادفة، فإنه سوف يبث الجهل والفشل والخطأ والضياع في المجتمع، فيتضرر.
وحين يكون السياسي «جعص»، فلن تجد منه إلا الاهتمام بنفسه ومصالحه، وسوف يعمل على تضييق سبل الراحة على البشرية، لأنه فاقد حس «العطاء».
إذن: «البخل الذاتي» هو سلوك مشين جدا، وحين يلازم أي عمل أو مجال فإنه سوف يفسد، فـ«الجعوص» شر على المجتمع أينما وجدوا، فاحذروهم!
٭ ختاماً: لي هنا أبيات قلتها قديما:
بالطمع لاهي.. لجل درهم يشيش
منشغل وشلون يجمع ما كفاه
ما سال عن حال مسلوب المعيش
الفقير اللي ضما الدنيا رماه
كيف يهنى لك مع العالم تعيش:
في هنا وبخير وسرور وغناه
وحولك اللي واصل عقله يطيش
من طعونات الفقر داخل حشاه؟
دمعته يسمع لها دوم وشيش
فوق خده والزمن حيل وطاه
حاير خايف وله فكر هشيش
عايش المجهول في كل مستواه
يجتهد خايف من الحال الوحيش
والزمن يعطيه كل يوم قفاه
يا رحيم يروي الريق العطيش
ارحم الضميان من فقر دهاه
HaniAlnbhan@