الأيـــام وما أدراك من الأيام، فهي مكــمن التقلبات والتحولات والمتغيرات، والأيام لا تصفو جميلة دائما، فالحياة بين صعود ونزول، وبين انخفاض وارتفاع، ولا تدوم على حالة واحدة أبدا، وهذا الشيء معلوم لدى الجميع.
لذلك علينا الحذر ثم الحذر من عثرات الزمن والليالي، فعش حياتك في نطاق رضا الله، وإياك وتعدي الحدود، فإن كنت في خير عميم، فصن ذاك الخير، واعمل على أسباب دوامه، ولا تطغى أو تتحول إلى (وحشي) ينهش من حوله متجاوزا، وحينها قد تميل بك الأيام، وحين تميل بك فلا ينفعك ندم ولن تنفعك حسرة!.
فالأيام حين تميل، فإنها تهد أشد الجبال، وتفتت أصعب الصخور، وتحطم أبسل القوى وأعتاها، وتدك قوالب الحديد الشديدة المرصوصة، فميل الأيام شديد الوطأة، وصعب للغاية! فاحذره!.
والمتمعن في مشهد الحياة سيرى حال من مالت به الأيام!، فحاله من أسوأ الأحوال!، فكم من صروح كانت عالية اندثرت، وكم من عصور كانت سائدة فبادت، وكم من قمم كانت شامخة فانحنت، وكم من ساحات وباحات -ودواوين- كانت مزدحمة ففرغت! وكم وكم... فالأيام مؤلمة حين تميل.
وبين كل هذا، الخلاص هو في سلوك مسلك الفضلاء، فالفضلاء يتعاملون مع الأيام بحكمة ودراية وفطنة وحذر، فنجدهم إن كانوا أغنياء صانوا النعمة، وإن كانوا فقراء صبروا وهم مفعمون بالرضا، لذلك هم في جميع حالاتهم أقوياء، لأن ارتباطهم بربهم وثيق وقوي، لذلك لن تؤثر عليهم الأيام وميلانها، ولن يروا من ميلها شدة الأسى والحزن والضيق، فهم عند الرخاء شاكرون وعند الشدة والضراء صابرون.. لذلك هم أقوى من الأيام.. وإن مالت!
٭ ختاما: يسعدني أن أشارككم قصيدة كتبتها في وقت سابق.. وأقول بها:
كل شي بالكون له يوم يزول
ما يدوم الا العظيم المعتلي
الفطين اللي زهابه ع الرحول
وينتظر يومه يحل، ويرحلي
وكل طير طار تاليه النزول
وكل ظلمة بالإضاءة تنجلي
ويمكن الأول ولا شي ينول
ويمكن التالي يصير الأولي
هذي الدنيا لها فعل يهول
ومن وثق فيها يضيع ويبتلي
مرة تعطيك بيديها القبول
ومرة تصليك بيديها صلي
احذر، وعشها على حسب الاصول
وخل جيبك بالفضايل ممتلي
ولا يغرك وقتها.. مهما يطول
عاشق الدنيا سفيه.. مغفلي
واصلح اعمالك.. عسى تحصد قبول
وتسكن الجنات في ظل الولي
HaniAlnbhan@