أهدت الدولة مواطنيها المتقاعدين التأمين الصحي «عافية» بموجب القانون رقم 114 لسنة 2014 وهذا حق من حقوقهم التي كفلها الدستور لهم ولكن تطبيق القانون كان من خلال لائحة تنفيذية حددت الحالات المشمولة والحالات التي لا يغطيها التأمين الصحي للمتقاعدين ولم نر أي متابعة فنية متخصصة لضمان حصولهم على كامل حقوقهم وعدم وضعهم في مواقف محرجة بسبب عدم تغطية الوثيقة لبعض الحالات أو تغطية جزئية فقط.
ومن المنطق أن الحالات المرضية الشائعة الحدوث بين المتقاعدين تكون على رأس قائمة التغطية التأمينية مثل حالات الزهايمر وخرف الشيخوخة والرعاية التلطيفية والسرطان ولكن سامحه الله من قام بوضع قائمة طويلة من الحالات التي لا يغطيها التأمين الصحي فكانت النتيجة سلب حقوق المتقاعدين وفتح أبواب خلفية للتحايل وفي غياب الرقابة الطبية الفنية على تطبيق مشروع عافية تحول إلى كيان مشوه وغابت الأطراف صاحبة المصلحة عن إدارته لمصلحة المتقاعدين وأعني بذلك مؤسسة التأمينات الاجتماعية ووزارة المالية إلى جانب كيان فني مستقل للتأمين الصحي.
ووسط هذه السلبيات يتم من آن إلى آخر التلويح بخفض ميزانية المشروع أو إجراء المزيد من التقليص على التغطية التأمينية أو سلب المزيد من حقوق المتقاعدين في هذه الفترة من حياتهم بلا مبرر منطقي.
وإنني أدعو المتقاعدين المتمتعين بمشروع عافية للتأمين الصحي وأدعو كذلك مؤسسة التأمينات الاجتماعية ووزارة المالية والمتخصصين الى إجراء دراسات علمية بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لإلقاء الضوء على سلبيات التطبيق وكيفية تجاوزها بإدارة رشيدة تعيد توجيه دفة المشروع ليحقق الهدف من القانون بعيدا عن الاجتهادات العشوائية التي تفرغ القانون من مضمونه ويسبب الحرج للمتقاعدين في مواقف كثيرة من المخجل تركهم أو ترك ذويهم أن يتعرضوا لها.
ويبقى السؤال عن الجهة الفنية المرجعية التي يجب أن تتحمل أمانة إدارة هذا المشروع وتوجيهه إلى المسار الصحيح وخصوصا أن قطار التأمين الصحي لن يتوقف عند «عافية» بوضعه الحالي المليء بالثغرات.
إن المراجعة الموضوعية والمتخصصة لنطاق التغطية التأمينية بوثيقة «عافية» يجب أن تتم دوريا باستقلالية ومهنية كاملة ولتكن من جهات استشارية محايدة حفظا لحقوق وكرامة المتقاعدين، ولنبحث عن الثغرات الأخرى في الإنفاق على الرعاية الصحية بعيدا عن استحقاقات المتقاعدين ووثيقة «عافية» التي لم نحسن إدارتها وتوجيهها حتى الآن.
ولنعمل جميعا على حفظ حقوق المتقاعدين في العلاج وعدم بخس حقوقهم وذلك عرفانا وامتنانا لما قدموه للوطن من خدمات أثناء مسيرتهم العملية.