يعد الشاعر د.عبدالعزيز سعود البابطين من الشخصيات العربية، التي انتبهت مبكرا إلى أهمية الثقافة في حياة الشعوب، وما تمثله من قيمة تؤثر بشكل مباشر على عجلة التطور والتقدم في مختلف المجالات.
وعلى هذا الأساس اتجه البابطين إلى التفكير في الرؤية المناسب التي تمكنه من خدمة الثقافة العربية على المستويات العربية والعالمية كافة، فجاء مشروع مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، لتؤدي دورها الناجح أكثر من ربع قرن، وبالتالي توالت المشاريع الثقافية المهمة، التي تعد علامة بارزة في عصرنا الراهن، وصورة مشرقة للكويت التي أنجبت البابطين.
وهذا المجهود الذي يقوم به البابطين - رغم أنه فردي نابع من إيمان عشقه للثقافة العربية خصوصا الشعر- فهو متشعب وضارب في أعماق التاريخ والجغرافيا، حيث إنه يتتبع الماضي والحاضر، ويرحل إلى مختلف بقاع الأرض، مما ينظر إليه على أنه مجهود كبير، قد تعجز عن القيام به المؤسسات الرسمية والدول، لما فيه من ترتيب وتنظيم، وخطط مدروسة، وأفكار خلاقة، وبعد نظر، ورؤى باهرة.
ومن الأمور التي تلفت الانتباه، تلك الإصدارات العديدة، التي سعى البابطين إلى إصدارها، وأصبحت فيما بعد مصدرا مهما للباحثين والدارسين، وخاصة المعاجم، تلك التي تتسم بالدقة والحرص على رصد الحالة الشعرية العربية في عصورها القديمة والمعاصرة.
وفي كتاب «عبدالعزيز سعود البابطين، السيرة والإنجازات الثقافية»، رحلة مثيرة وشائقة، لهذا الشاعر الذي أسهم في إعادة الثقافة - خصوصا الشعر- إلى الجادة الصحيحة، ونذكر في الثقافة والأدب، المؤسسة الثقافية ومكتبة الشعر العربي ومركز المخطوطات الشعرية والترجمة ومكتبة القدس وجائزة الشعر العربي في فلسطين، وفي مجال التعليم بعثة الدراسات العليا والدورات التربوية لعلم العروض ومركز حوار الثقافات ودورات المرشدين السياحيين في إسبانيا وكراسي للثقافة العربية في العالم، والجائزة العالمية للدراسات التاريخية والثقافية في الأندلس، ومركز الكويت للدراسات العربية والإسلامية، وأكاديمية الشعر العربي والكثير من المجهودات التي لا تتسع المساحة لذكرها، بالإضافة إلى إسهامات البابطين في مجال تنمية ثقافة السلام بالتعاون مع الأمم المتحدة.
فالبابطين رجل الأعمال المعروف في الكويت والعالم بأسره.. هو شاعر، استهوته الكلمة فعاشها بمشاعره ووجدانه، حيث تتسم قصائده بالتنوع الدلالي، والمحافظة على الشكل العربي التقليدي للقصيدة فيما جاءت أغراضه ومواضيعه ذات صبغة حديثة، وله العديد من الدواوين بداية من «بوح البوادي» ثم «مسافر في القفار» عام 2004م، و«أغاني الفيافي» عام 2017م، فيما أصدر كتابه المهم «تأملات من أجل السلام» عام 2017م، وباللغتين العربية والإنجليزية، كما أنه رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز الثقافية في الكويت، ومجلس أعضاء المؤسسة في الاتحاد الأوروبي ومقرها روما الإيطالية.
وهو عضو في الكثير من المؤسسات الثقافية العربية، ونتيجة لتلك المجهودات الكبيرة فقد حصل على شهادات دكتوراه فخرية من جامعات عالمية مرموقة.
ومن اللافت أن البابطين كتب قصيدته الأولى في عمر 14 عاما، وأخذ ينمي موهبته بقراءة أشعار فحول الشعر العربي، لذا فقد اهتم بإقامة دورات تدريبية في علم العروض، في الكويت ومختلف الدول العربية والأجنبية.
بالإضافة إلى حصوله على العديد من الأوسمة الرفيعة والجوائز، من دول عربية وأجنبية عدة، كما حصل من الكويت على تكريمات شتى، لعل من أبرزها حصوله في 2002م على جائزة الدولة التقديرية.
إن شخصية البابطين الثرية، والتي أسهمت بشكل خلاق في خدمة الثقافة العربية بل العالمية، تستحق منا كل التقدير والاحترام، حيث إن النابهين في مجال الثقافة قلة، أولئك الذين يحرصون على أن يكون للثقافة دورها المهم في حياة الشعوب، ومن ثم فإننا ننتظر لأن تكون جائزة نوبل في دوراتها المقبلة من نصيب البابطين، ففي رأي المتخصصين والمهتمين بالشأن الإبداعي أن البابطين قدم للثقافة العالمية الكثير من الجهد والعطاء.