إن تأسيــس مجمع للغة العربية في الكــويت شغل وجداني وتفكــيري، منـــذ أن عاصرت وشاهدت مجمع اللغة العــربية في القاهرة، أثناء دراستي رسالة الماجستير، ومن بعدها الدكتوراه، خاصة مكتبة المجمع، تلك التي كانت غنية ومبهرة ومتنوعة في عناوين كتبها، الزاخرة بالمراجع والمصادر والقرارات التي تصدر عن لجان التحقيق والدراسة، لكل ما من شأنه الحفاظ على الهوية والتراث الحضاري عربيا وإسلاميا.
فالكويت بتاريخها الثقافي وريادتها في مجالات ثقافية عدة، خليجيا وعربيا.. خصوصا إصداراتها الثقافية الرائدة في المنطقة العربية، تستحق أن يكون لديها مجمع للغة العربية، بل إن إنشاء المجمع قد تأخر سنوات طويلة، وقد سبقتنا دول خليجية وعربية عدة في هذا الأمر مثل السعودية والإمارات (الشارقة) وغيرهما، وكان من المأمول أن تكون الريادة الخليجية في هذا الشأن للكويت، ومع ذلك فإن تأسيس المجمع كان يجب البدء فيه والانتهاء من تشييده منذ 15 سنة مضت، ومن خلال كل ما سبق جاءت فكرة إنشاء مجمع اللغة العربية في الكويت، بتشجيع نخبة من المثقفين والأدباء والكتاب والأكاديميين، حيث بدأنا في تأسيس الدعائم أو الأفكار الأولى للمجمع بالكويت، عندما كان الروائي حمد الحمد أمينا عاما لرابطة الأدباء الكويتيين.
ومن ثم وبمساندة النابهين من مثقفي الكويت، وجهت إلى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ وكان وقتها ـ م.علي اليوحة، خطابا شرحت فيه أهداف ودوافع تأسيس المجمع في الكويت، ودعوته كي يدعم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هذا المطلب الوطني، وجاء رد الأمين العام السابق مثلجا للصدر ومفرحا للنفس، حينما قبل الفكرة ووافق عليها وشجعها وأشاد بها، بل ووعد بطرحها في مجلس التعاون الخليجي، من أجل التوسع فيها، لتكون للكويت أسبقية طرحها.
لذا فإنني أثني على كل من توجهت ثقافته ووطنيته وعروبته إلى دعم مشروع إنشاء مجمع اللغة العربية في الكويت، وهم والحمد لله كثر، وأخص بالذكر رجل الشعر والثقافة والسلام، الذي فارقنا الشهر الماضي، إنه الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين «رحمه الله»، الذي كرس مؤسساته لخدمة مجالات إنسانية وأدبية عدة، ونذكر ـ بالمناسبة ـ تنظيم مؤسسة البابطين الثقافية، الملتقى العالمي للسلام العادل، الذي أقيم عام 2019 في لاهاي، ثم في مالطة عام 2022، كما أعلن عن إقامته في مصر، والذي كان سيعقد خلال الفترة من 28 إلى 30 الجاري.
وإضافة إلى ذلك، فإن مؤسسة البابطين لنشر وحماية اللغة العربية، أسهمت بشكل فعال في نشر اللغة العربية عالميا والتعريف بها وبحضارتها.
وفـــي هذا السياق المعرفي والثقافي والفكري، نتطلع إلى مـــزيد من الدعم والتشجيع لإنشاء مجمع اللغـــة العربية في الكويت، الذي نتمـــناه واقعا ملموسا على أرض بلـــدنا الحبيب، ليكون مؤسسة لخدمة الثقافة والفــكر ومنارة تزهو بها الكويت، وهذا الأمر أضعه بين أيدي قادة الثقافة في الكويت وعلى رأسهم وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري وأمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د.محمد الجسار.