أقرب مثل يتبادر للذهن عندما لا يلتزم أي إنسان بقوانين البلاد أنه «من أمن العقوبة أساء الأدب»، ويمكن أن نستوحي من هذا المثل مقولة «من أمن التذكرة رغب في الإبعاد»، حيث إن هناك فئة من العمالة الوافدة تختلق المشاكل، وتتعمد خرق القوانين أو تعتدي على موظف عام لتغادر البلاد على حساب مال الدولة، ويبدو أن عقليات الجهات الرسمية تشجع هؤلاء على استباحة أموال الدولة ليتسنى لهم الحصول على تذكرة سفر مجانية، فما أسهل أن يضرب العامل الوافد غير الملتزم بالقوانين أي موظف أو مسؤول عام، مادام أنه سيكافأ بتذكرة طيران مجانية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كم تكلفة تذاكر الطيران التي تتكبدها الدولة في إبعاد العمالة التي لا تحترم قوانين وعادات البلاد؟
من المؤكد أنها بالمليارات، فعندما اطلعنا على إحصاءات وزارة الداخلية للمبعدين عن البلاد منذ التحرير حتى عام 2021 وجدنا أن هناك 461 ألف شخص تم إبعادهم عن البلاد من مختلف الجنسيات، فيما تم إبعاد 23 ألفا من يناير 2022 حتى أكتوبر من العام الحالي.
ويحق لنا أن نسأل إلى متى هذا الهدر في المال العام؟ ولماذا لا يتم تسفير هؤلاء على حساب السفارات التابعة لهم أو يتم إصدار قرار يلزم العامل الوافد بدفع 300 دينار كتأمين يسترد له في حال تركه البلاد مع ضرورة أن يخصم من هذا المبلغ تكلفة تذكرة الطيران في حال إبعاده عن الكويت؟
نأمل إصدار هذا القرار في أسرع وقت لوقف نزيف المال العام المتواصل في ظل سعي الكويت لتعديل التركيبة السكانية، وبطبيعة الحال فنحن لسنا ضد العمالة الملتزمة التي تعيش بيننا بسلام دون افتعال المشاكل خاصة، وأن الكويت يعمل على أرضها عمالة من شتى بقاع العالم، حيث أشارت آخر إحصاءات الهيئة العامة للمعلومات المدنية المسجلة في منتصف العام 2022 إلى أن تعداد العمالة الآسيوية بلغ مليونا و670 ألفا و13 وافدا فيما تحل العمالة العربية في المرتبة الثانية بعدد مليون و216 ألفا و14 وافدا، والبقية القليلة من القارات الأخرى.
ولولا تعامل الكويت باحترام مع العمالة الوافدة الملتزمة لما وجدنا هذا الكم الهائل من العمالة الوافدة في ديرتنا، ولكن من يشذ عن القاعدة فديرته أولى به دون أن يكلف الدولة قيمة تذكرة إبعاده؛ لأن المليارات التراكمية التي تدفع للإبعاد يمكن أن تبنى بها مستشفيات ومدارس ومساجد وخدمات أخرى، نحن في أمس الحاجة إليها.
[email protected]