يكفل الدستور حق كل أسرة كويتية في السكن الملائم لما يشكله السكن من طمأنينة واستقرار نفسي. ومن المفارقات الغريبة أن صندوق الكويت للتنمية الاقتصادية العربية يقتطع من مال الدولة ويقدم المنح، والقروض لتنفيذ برامج التنمية المتعلقة بالمشاريع الإسكانية في الدول العربية والدول النامية، بينما حكوماتنا المتتالية تدرك معاناة ومرارة المواطن فيما يتعلق بالرعاية السكنية، وهنا ينطبق علينا قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول
أليس الشعب الكويتي أولى بالأموال التي تدفع للخارج لحل الأزمات الإسكانية في وطننا؟! خاصة أن تراكم الطلبات الإسكانية وصل لـ 89 ألف طلب حتى العام الحالي، وهذا يؤكد معاناة ما يقرب من 100 ألف أسرة كويتية تنتظر حقوقها الإسكانية.
ومن أبرز معوقات حل أزمة الإسكان أن هذا الملف منذ زمن طويل يدار بمنهجية لا تساعد على حله بالشكل المرضي وبالتالي ينتظر سنوات طويلة حتى يحصل على السكن، والغريب أنه بعد أن يحصل على البيت بشق الأنفس وبعد مرارة الانتظار يجد الاختلالات الواضحة في التصميمات والتشطيبات، فيقبل على مضض ويضطر لقرض آخر ليقوم بالتعديلات بأقساط بنكية تزيد من الضغوط عليه. فهل يقف الأمر عند هذا الحد؟ بالطبع لا بل هنا من يسعى لإعاقة زيادة قيمة القرض الإسكاني لإدراكهم أن الـ 70 ألف دينار لا تكفي لبناء القسيمة.
وبما أن أقل قيمة بناء بيت مساحته 400 متر تتراوح بين 110 و 120 ألف دينار يضطر المواطن للاقتراض لتكملة البناء وهذا ما يزيد الضغط على ميزانيات الأسر صاحبة الدخل المحدود.
وكلما تفاقمت الأزمة الإسكانية يدرك الشعب أن عرقلة حلها تأتي بصورة مقصودة، وكل هذا تحت مرأى ومسمع الحكومة ومجلس الأمة منذ سنوات عديدة دون اتخاذ أي خطوات تصحيحية في هذا الجانب.
وبالنسبة لبدل الإيجار فهو لا يكفي لإيجار استوديو ولهذا يضطر المواطن لدفع ما لا يقل عن 300 دينار فوق بدل الإيجار حتى يتمكن من السكن في شقة متواضعة، ولا نعلم لمَ لا تحل الدولة أزمة الإسكان لتوافر المبالغ الطائلة التي تنفقها في بدل الإيجار والذي يكلفها 14 مليون دينار شهريا أو حوالي 168 مليون دينار سنويا؟
وكم سمعنا من تصريحات ووعود براقة لحل الأزمة الإسكانية من أكثر من وزير تولى حقيبة الإسكان، ولكن ظل الوضع على ما هو عليه ولا عزاء لمعاناة المواطن. وفي الأخير نؤكد أن الدولة بإمكانها حل أزمة الإسكان عندما تقوم ببناء المزيد من المدن الإسكانية دفعة واحدة، فإذا كانت تبني الآن مثلا خمس مدن إسكانية فلمَ لا تقوم بتشييد ما لا يقل عن 30 مدينة إسكانية لتحل الأزمة الإسكانية المفتعلة في أقل من 5 أعوام مع ضرورة أن يراعى في تصميم المدن الإسكانية أكثر من نموذج لكل مدينة حتى يختار المواطن النموذج الذي يتلاءم مع رغباته. وما أكثر الحلول عندما تصدق النوايا.
[email protected]