نجحت قطر باقتدار، وأصبحت محط أنظار كل قارات العالم بتنظيم مسابقة كأس العالم على أرضها، ورفعت رؤوس الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية لأنها حققت ما عجزت عنه أمم ضاربة في عمق التاريخ، وبطبيعة الحال لم يأت هذا من فراغ أو صدفة بل بقبول روح التحدي والإصرار على النجاح. فاليابان بجلالة قدرها ومجدها الاقتصادي عندما راودها حلم إقامة المونديال على أرضها لتكسر احتكار أوروبا والأميركتين للمونديال اشتركت معها كوريا الجنوبية في تنظيم النسخة رقم 17 لبطولة كأس العالم عام 2002 ولهذا أقيمت المباريات على ملاعب اليابان وكوريا الجنوبية، ولكن قطر بمفردها نظمت البطولة، وفي سبيل ذلك أنفقت نحو 250 مليار دولار، وإذا كان أهل الحقد والشر والضغائن يرون أن قطر خسرت أموالها هذه نقول لهم نعم قطر أنفقت ربع تريليون دولار، لكن هذه الأموال استخدمت في تهيئة بنيتها التحتية وشيدت الملاعب ذات المواصفات العالمية، ووسعت طرقها وسياحتها، وكل خدماتها الأخرى، ولو بنت تلك المرافق بعد 10 سنوات ستكلفها ما لا يقل عن تريليون ونصف التريليون دولار، وهذا استثمار طويل المدى يكفيها لعشرات السنين ويخدم أجيالها القادمة، ناهيك عن السمعة الدولية، فقطر اليوم دخلت التاريخ الحديث من أوسع الأبواب لتقول للعالم: هنا قطر البلد الخليجي العربي الإسلامي الذي يقام على أرضه المونديال، أثبتت أن الريادة لا تقاس بالمساحة أو عدد السكان.
ولم يقف فكر الإبداع عند هذا الحد بل أكدت اعتزازها بالإسلام حيث استغلت أجواء المونديال، وروجت للمظاهر الإسلامية ومنعت تناول المسكرات في الملاعب، وجلبت أجمل الأصوات في الآذان ليتعرف زوارها من شتى بقاع الأمم والأديان على سماحة وطبيعة الإسلام الذي يتهم بما ليس فيه.
ولم تستفد قطر وحدها من هذا الحدث العالمي فمنذ الإعلان الرسمي عن تنظيم قطر لكأس العالم عام 2010 استبقت بعض الدول الخليجية الأحداث لتستفيد من إقامة هذا الحدث العالمي في قطر فعلى سبيل المثال كثفت الإمارات تركيزها في تنمية السياحة، وافتتحت الكثير من المنتجعات والمتاحف والمرافق السياحية لجذب زوار كأس العالم في قطر قبيل أو بعد المونديال، ولهذا كانت معظم رحلات الطيران التي تحمل المشجعين لقطر قدموا من دبي والنسبة القليلة منهم ترانزيت، والغالبية العظمى منهم انتهزوا الفرصة للاستمتاع السياحي في دبي وأبوظبي.. أرأيتم كيف يدار الفكر الاقتصادي؟
أما نحن في الكويت فأغلقنا علينا منافذنا وجمدنا الزيارات السياحية لأجل غير مسمى، وكأن تنشيط السياحة في ديرتنا رجز من عمل الشيطان.
كنا نتمنى الإسراع في إقامة مرافق سياحية وترفيهية، لتجذب أنظار مشجعي كأس العالم في قطر بعد انتهاء البطولة، ولكن بكل أسف لم نبادر بصنع هذا التطوير بل وأهملنا في تطوير ما لدينا من مرافق سابقة حتى وصل بنا الحال لأن نتمنى رجوع عجلة الزمن للخلف عندما كان يطلق على الكويت «درة الخليج».
ورغم تخرج الكثير من مواطنينا من أعرق جامعات العالم ومنهم بلا شك أصحاب خبرة وكفاءة في مختلف المجالات، إلا أنه بكل أسف يتم تهميشهم، وهذه واحدة من أسباب تأخر بلادنا.
في النهاية، نؤكد أن حالنا سيظل على ما هو عليه إذا لم نغير من طريقة تفكيرنا القديمة التي ساعدت بشكل أو بآخر على انتشار الفساد الإداري، وإشاعة أجواء الإحباط بين المواطنين.
والخلاصة: تعلموا من دول الجوار وكفانا تصريحات تذروها الرياح.
[email protected]