لدينا جدلية في تفسير مفهوم الحرية في الكويت، فالإسلامي يرى الحرية وفق ما حدده الشرع وما حددته الآداب العامة والقيم والأخلاقيات، والليبرالي يراها بشكل مغاير تماما فالإنسان عنده حر فيما يفعله ويقتنع به، بل ويتوسع بعض الليبراليين إلى المطالبة بالحرية حتى لو تصادمت مع آراء وأفكار ودين وقيم المجتمع، المهم أن أعمل ما أريد حتى الأعمال والتصرفات المخالفة للقانون والدستور حرية - إذا خالفت قناعته - وإذا تصادم الدين والعرف والعادات والتقاليد مع قناعاته اتهم المجتمع بالظلامية والجهل والتخلف والرجعية.
صراع مفهوم الحريات بين الإسلاميين والليبراليين قديم، لكنه تجدد بدايات شهر فبراير بقصة «مخيم اليوغا» الذي اعترض عليه النائب حمدان العازمي لأن النشاط غير مرخص، تصريح النائب العازمي واجهه تحرك من وزارة الداخلية وتم وقف النشاط لعدم وجود تراخيص، وبدورها قامت السيدة الفاضلة إيمان الحسينان صاحبة النشاط وأوضحت الموضوع ورفعت الشبهة وأن الفعالية تم تأجيلها لحين إصدار التراخيص.
وبعدها انفرطت السبحة بقضية الحريات والمطالبة بها واشتعلت الساحة حتى وصلت القناعة بأن الأمر ليس مجرد اعتراض على نشاط «يوغا» في مخيم، بل تطور بطريقة دراماتيكية سريعة، وأصبح هناك تجمع نسائي في ساحة الإرادة يطالب بالحريات وجلسات يوغا في أماكن عامة وكافيهات، وكبر الموضوع حتى وصلنا إلى أننا وصمنا المجتمع الكويتي بأنه مجتمع يدار من القوى الظلامية التي تئد الحريات، وأن الشباب الكويتي يسعى للهجرة من الكويت بسبب التضييق على حرياته، وهذا ما ذكرته الأستاذة فارعة السقاف، وآخر ما شاهدته من فعاليات المطالبة بالحريات دعوة لمباراة كرة طائرة مختلطة على الشاطئ، والغريب في الدعوة أنها تدعو للمشاركة حتى لو ما تعرف تلعب، المهم تأتي مباراة مختلطة وتحت شعار المطالبة بالحريات، وقامت الجهات المعنية بإغلاق الملعب لمخالفة النشاط.. وما زال الحبل على الجرار لمزيد من الأنشطة والفعاليات التي تدعو للحرية المطلقة.
إن كانت هناك صفة يصف بها إخواننا الخليجيون والعرب الكويت فإنهم يصفونها بأنها مجتمع حر ومجتمع منفتح والنظام الديموقراطي أعطى الشعب مساحة كبيرة من الحرية السياسية والاجتماعية والفكرية وكفلها بالنص الدستوري في المادة السابعة منه «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، وما نراه اليوم من هجمة ومطالبات بالحرية المطلقة والحرية القائمة على مبدأ العناد والمخالفة لقيم المجتمع من دعوات مختلطة وتسويق لحملات تحد للقيم وتعزيز النسوية في الفلاشات الدعائية وفي الفعاليات وفي الدعوات هي تشوية لمفهوم الحرية وهي إرهاب فكري قائم على مقولة «يا إما نسوي اللي نبي وإلا انتم مجتمع ظلامي ورجعي ومتخلف وتفرضون الوصاية على الناس».
ومن باب الحرية نتمنى أن تصل الرسالة إلى كل الداعين للحرية المطلقة وممارسة كل المخالفات باسم الحرية، أن الحرية مبدأ، ولكنه مبدأ يليق بديننا وقيمنا وضوابطنا الأخلاقية وغير ذلك هي محاولات تغريبية باسم الحرية... والمجتمع الكويتي القائم منذ تأسيسه على الالتزام بالدين واحترام القيم النابعة منه واحترام الآراء لن ينساق وراء الدعوات المشبوهة المغلفة باسم الحرية.