في الكويت كل حدث له مناسبة.. وكل مناسبة لها حفلة.. لتخرج الطفل من الحضانة والروضة حفلة، وتخرجه في كل مرحلة دراسية حفلة، ناهيك عن المناسبات الأكبر مثل حفل الزواج وقبله حفلة الدزة وقبلها حفلة الخطبة، وحفلات وداع العزوبية، اللي طالعين فيها بعض الناس، أما حفلات المواليد فهذي قصة ثانية فالولادة لها حفلة واستقبال الأم بعد الولادة له حفلة والنون لها حفلة، ووصل الأمر الى أننا نوجد احتفالات كانت في السابق أمورا روتينية، ولا تستدعي تقديم الهدايا مثل استقبال رمضان وحفل القرقيعان وأما أعياد الميلاد فهذه قصة مختلفة وحفلتها غير.
وكل حفلة تحتاج الى ان تقدم هدايا للمحتفى به وما يصير تدخل الحفلة ويدك فاضية لازم بوكيه ورد أو حلويات، هذا أقل ما تقدم.. وعندما نقول بوكيه ورد وحلويات فهذا معناه عشرات الدنانير وما يصير تقدم شيء متواضع فالسناب وبرامج التواصل سوف ترصد هديتك... وسمعتك على قد هديتك حسب قوانين التواصل الاجتماعي، إذا كان بوكيه الورد طوله متر وبالمبلغ الفلاني فأنت الكريم صاحب الذوق أما إذا كان متواضعا فهديتك «تفشل»، لهذا السبب أصبح الكثير يضع ميزانية خاصة للمناسبات والاحتفالات قد تصل إلى مئات الدنانير.
هكذا تفاجأت صاحبة المناسبة بعد انتهاء الحفل بكم كبير من الحلويات والكيك وباقات الورد، ويصبح حملا عليها، فتوزع الكيك على الجيران والاقارب أو «تترس» الثلاجات، وبعدها كل هذا يجد طريقه إلى سلة القمامة، أجلكم الله، ولو جمعت قيمته لوجدته بالمئات من الدنانير.
إحدى الأخوات الفاضلات أدركت أن ما يحدث في المناسبات والحفلات ما هو إلا تبذير وخسارة أموال وإهانة للنعم وتكاليف زائدة على المدعوين، فقررت أن تخرج بفكرة مبتكرة فيها خير كثير.. فعندما أرسلت بطاقة الدعوة الإلكترونية لإحدى مناسباتها كتبت «نعتذر عن عدم استقبال الهدايا والحلويات وبوكيهات الورد ومن أراد الإهداء بإمكانه الدخول على الرابط الإلكتروني المرفق بالدعوة ويقدم هديته»، والرابط كان موقعا لجمع التبرعات لغزة.. فكرة جميلة ومفيدة قدمتها هذه الأخت الفاضلة فبدلا من استقبال الحلويات والورد، ويكون مصيرها سلة المهملات وجهت هذا الأموال لإخواننا في غزة الذين يذوقون الأمرين من جوع وتهجير وخوف.
ما قامت به هذه الأخت الفاضلة يدخل في السنة الحسنة التي وصى بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث قال «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».
قد يجد بعض الناس حرجا في أن يحضر مناسبة ويده فاضية أو أن هذا أمر مستحدث، وكل أمر مستحدث له مقاومة، وهذا طبع بشري، ولكن استشعار أن هذه الهدية تحولت الى تبرع خيري، وربما هذا التبرع يستر مشردا أو يطعم جائعا أو يعالج مريضا، فهذا يهون الأمر، ويجعله من الأمور المحمودة والمشكورة.
دعوة لكل صاحب مناسبة إذا أراد أن يدخل البركة في حياته وحياة أولاده سواء في الزواج أو التخرج أو المولود الجديد أن يجعل هداياه صدقة عنه وعن أهل بيته فالصدقة بركة وزيادة بالمال، فمال الصدقة يزيد ولا ينقص كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة».