نؤكد أن الكويت ستبقى داعمة للعمل الإنساني، ونحن ملتزمون بأن نواصل هذا الطريق متمثلين في ما قام به الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وتأكيدا لدور البلاد في الذكرى العاشرة لتسمية الكويت مركز العمل الإنساني، وسنستمر دائما في هذه السياسة الإنسانية الحكيمة بقيادة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد.
العمل الإنساني والخيري في الكويت وبرعاية كريمة من القيادة وعلى مدى سنوات طويلة حقق نجاحات كبيرة ونقلات نوعية وإنجازات محلية ودولية واستطاع أن يكون إحدى أذرع القوى الناعمة في الديبلوماسية الكويتية، وحقق للكويت سمعة دولية مميزة خاصة، لاسيما أنه يدار باحترافية كبيرة اكتسبها القائمون عليه والعاملون فيه بسبب الخبرة الطويلة والتجارب الكثيرة، وبلغت المؤسسات الخيرية مرحلة النضج، وبفضل من الله حصلت على مراكز متقدمة في الشفافية والأداء والجودة وحصلت العديد من الجمعيات الخيرية على شهادات الجودة الشاملة «الآيزو» واستطاع العمل الخيري وبرقابة من وزارة الشؤون ومتابعة من وزارة الخارجية خاصة للأعمال الإغاثة الخارجية ان يوجد له قدما على خارطة العمل الإنساني العالمي.
وفي الفترة الأخيرة جاءت فكرة توطين العمل الخيري، والعمل على أن تكون مشاريع وأعمال اللجان الخيرية فقط داخل الكويت والبعض بالغ في مطالبته بالتوطين بقوله ان جميع اعمال اللجان الخيرية خارج الكويت وأن فقراء الكويت ومساكينها لا تستقبلهم اللجان، ولا يعلم الكثير من الناس ان اعمال الجمعيات الخيرية المحلية اكثر من العالمية بكثير، وهناك مؤسسات كويتية رسمية واهلية تعمل داخل الكويت في الشأن المحلي وعلى رأسها بيت الزكاة والأمانة العامة للأوقاف، كما أن الكثير من الجمعيات الخيرية لها أعمال نوعية في مساعدة المحتاجين في الكويت مثل صندوق إعانة المرضى والمبرة الخيرية لمرضى السرطان وجمعيات خاصة برعاية الطلبة المحتاجين وإقامة مسابقات القرآن الكريم مثل المنابر القرآنية وجمعيات تهدف لإخراج المساجين الغارمين وتسديد ديونهم مثل جمعية التكافل.
لكن هناك واجب شرعي وانساني تجاه اخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، واجب مثله المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وأهل الكويت منذ نشأتهم وهم ملفى وملجأ لكل محتاج ولكل ضعيف ومشرد وصاحب حاجة، وأبرز ما يستشهد به في هذا الامر أنه في عام 1867 حدثت سنة «الهيلق»، حيث انتشرت المجاعة في الأقاليم المحيطة بالكويت ووجدوا بالكويت خير ملجأ، حيث استضافهم الناس حتى في الطرق والسكيك، وأقيمت الموائد لهم وفي بدايات القرن العشرين، وبأول أيام الاحتلال الصهيوني لفلسطين بادرت الكويت بدعم المجاهدين بقيادة عبدالقادر الحسيني، وثورة الجزائر التي انطلقت عام 1954 والتي تشهد لأهل الكويت عندما هب الناس فقيرهم قبل غنيهم وجرت حملات تبرع، شارك فيها الشيوخ والتجار والرعايا حتى أصبحت مضرب المثل في دعم الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وقبل هذا عندما كانت الكويت امارة لم يستخرج فيها النفط قام الوجيه يوسف بن عيسى القناعي والوجيه إبراهيم الابراهيم بدعم الدولة العثمانية في حربها ضد الدول الأوروبية انطلاقا من الأخوة الإسلامية.
ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم والعمل الخيري الكويتي مستمر في دعم القضايا الإسلامية ومتابعة احتياجاتهم، فما ان تقع كارثة طبيعية الا وتكون الكويت من اول الداعمين ممثلة بالدولة قبل الشعب، والمؤسسات الحكومية قبل الخيرية، وفق منظومة عمل راقية وتعاون وشراكة بين اللجان الخيرية الرسمية والشعبية، وآخر هذه الحملات دعم إخواننا في السودان بسبب الفيضانات، ودعم أهلنا في غزة عبر اسطول جوي وبحري تجاوزت رحلاته اكثر من 40 رحلة جوية وبحرية ولم يتوقف، حتى ان الكويت أصبحت اليوم احدى الجهات المهمة في عمل لجان الأمم المتحدة واكتسبت ثقة كبيرة وتشارك منظمة الغوث والاونروا في كثير من الاعمال.
نعم فالعمل الخيري في الكويت طائر يطير بجناحين، جناح «توطين العمل الخيري» وجناح «العالمية في دعم إخواننا المسلمين في العالم»، وقد حقق مكسبين الأول سد حاجة المحتاجين بالكويت، والآخر إغاثة المسلمين المنكوبين بالعالم.