مثل شعبي رائع فيه حكمة وعظة، وهو من واقع الحياة وتجاربنا بها، فلن يستطيع كائن من كان في هذا الكون الفسيح أن يرضي الناس ولو بذل لهم ماء عيونه، فهذا الأمر صعب للغاية، صحيح أننا نود لو رضي الناس عنا وكنا محبوبين من الجميع ولكن لا سبيل إلى ذلك على الإطلاق:
أرى ماء وبي عطش شديد
ولكن لا سبيل إلى الورود
هذا الأمر يكاد يكون مستحيلا، فالناس أجناس وطبائعهم متباينة ولا يرضيها شيء، وهذا المثل يشبه القول الآخر: رضا الناس غاية لا تدرك، ويقول الإمام محمد بن إدريس الشافعي لأحد أصحابه وهو الربيع بن سليمان: «يا ربيع، رضا الناس غاية لا تدرك، فعليك بما يصلحك فالزمه فإنه لا سبيل إلى رضاهم».
وقد نطق الشافعي الحكمة ودلنا على المحجة البيضاء، فعلينا بما يصلح أنفسنا في الدنيا والآخرة، ولنترك الناس لرب الناس، فلا نفكر في هذا الأمر ولا ننشغل به، فالناس لم ترض عن أنبياء الله ورسله وهم صفوة الخلق فكيف يرضون عنا نحن الضعفاء المساكين. لذلك يجب أن نحرص على مرضاة الله وحده، وعدم التماس رضا الناس بما يسخطه، وندع الخلق للخالق، فهو أدرى بعباده، والناس ليسوا بسواء، ففيهم الحاسد والحاقد وفيهم السوي والصالح، ولنعلم أن رضا الناس ليس الغاية والهدف المنشود كما يظن البعض، وإنما رضا الله تعالى هو الغاية التي ليست بعدها غاية.
فلا تحزن لعدم رضا الناس عليك، فالناس لن تنفعك عند الخالق، وإنما عملك الصالح هو سبيل نجاتك، واجعل من ضميرك يقظاً، واحذر الناس أكثر من حرصك على رضاهم، وتوكل على الله فهو حسبك.. ودمتم سالمين.