إنها قصة النبي يوسف عليه السلام ويا لها من قصة عجيبة، وعندما تتأملها بينك وبين نفسك تشعر بعظمة الله تعالى، وأن المظلوم بعين الله.
إنها قصة يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، وكيف لا يكون كذلك وهو نبي الله يوسف ابن نبي الله يعقوب ابن نبي الله إسحاق ابن خليل الرحمن إبراهيم عليهم السلام جميعا، وقصته وإخوته يعرفها السواد الأعظم من الناس، وقد وردت بتمامها في السورة الثانية عشرة من القرآن الكريم، والتي وصفها الله بأنها أحسن القصص، وذكر فيها من التفصيل الشيء الكثير، منذ أن رماه اخوته في قاع البئر حتى أصبح عزيز مصر، بمعنى الوزير الأول أو ما شابه ذلك، وما دمنا نعرف القصة فلابد أن نتحدث عن الحكمة فيها، خاصة أن أحداثها لم تتكرر في السور الأخرى كغيرها، وما هي الدروس المستفادة منها في هذا الزمان مع ظهور الحسد وقطع الأرحام والوقوع في الكبائر.
إن من الحكم المستفادة أن باب التوبة مفتوح للعبد ما لم يكن شركا بالله تعالى، وأنه يمكن أن يتغير حال الإنسان إلى الأفضل ويترك ما كان يقوم به من زلات وخطايا، وأن الصبر على المحن والمصائب والتجمل أجدر بالمسلم كما كان عليه حال نبي الله يعقوب، حيث شكا بثه وحزنه إلى الله، فلا دافع لقضاء الله ولا مانع لقدره، وأن الحسد سبب الخذلان والنقصان وهو رذيلة إذا سيطر على نفس الإنسان أفقده رشده وصوابه، ومهما يكن لا يستطيع الحاسد أن يحول نعمة الله عن المحسود وأن الصبر مفتاح الفرج، وأن على الإنسان الابتعاد عن المعاصي، وأن الحق والعدل سيظهران عاجلا أو آجلا، وأن نعلم تمام العلم أن حبل الكذب قصير، وأن نتحلى بالأمانة، ولا نقابل الإساءة بالإساءة بل نعفو ونصفح مع الحرص الشديد على بر الوالدين، وغير ذلك الكثير.
وقد أحسن ابوزيد الفازازي، حيث يقول من الكامل:
وقضية الأسباط فيها عبرة
إن كنت تفهم أيها الإنسان
سفكوا دماً فوق القميص وطالبوا
بالثأر ذئباً ماله عدوان
وبكوا عشاء كي يصح مقالهم
والحق تقبل نوره الأذهان
ودمتم سالمين.