تحدثت في مقالة سابقة عن تغييرات تجري في الدولة بمسارات ناعمة تبعث على التفاؤل وتبشر بغد جديد ينقل البلاد من أمواج التخبط والهوجاء إلى بر الأمان والاستقرار بإذن الله.
ولعل جرعة التفاؤل قد زادت مع مراسيم جديدة من أهمها وأبرزها وأظهرها نقل الإشراف على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلى معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد الفهد.
مرسوم تبعية الأمانة للشيخ أحمد الفهد لم يأت عبثا في ظل عهد جديد فتي تعيشه بلادنا، ولعله يعيد الروح إلى هيئة حكومية لطالما طالتها تساؤلات نواب مجلس الأمة ونشطاء سياسيين وكتبت عنها أقلام كتاب وتتبعتها عيون مراقبين، مؤكدة أنها لم تؤت ثمارها كما ينبغي، ولم تحقق أهدافها كما رسم لها، خصوصا إذا ما اطلعت على ما كتب في ذلك عبر موقع الأمانة العامة للتخطيط والتي تفصح عن أهدافها متمثلة في: «توجيه الجهات لتعزيز رفع ترتيب الدولة في المؤشرات التنافسية العالمية، وضمان توافق وتناغم خطة التنمية مع النشاط الاقتصادي العام والخاص لتحقيق الأهداف التنموية للكويت، ورفع القدرات الفردية والمؤسسية للأمانة والجهات الحكومية بالتعاون مع الجهات الدولية».
قبل بضعة أشهر من صدور المرسوم، كان البعض تحدث عن وجود مقترح حكومي لإلغاء المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، حيث إن اللجنة الحكومية التي تبنت المقترح كانت ترى أن المجلس الأعلى للتخطيط لم يعد مدرجا ضمن محركات التنمية في البلاد، وأنه لا يعول عليه كثيرا في إحداث النقلة المستهدفة لمسار التنمية الاقتصادية للبلاد.
ولأن التنمية المنشودة مع جرعات التفاؤل الجديدة، هي المحور الأبرز في مستقبل الكويت، فإن وجود شخصية نحسبها كفؤة مثل الشيخ أحمد الفهد للإشراف على هذا المجلس إنما هو بمنزلة ضخ الأوكسجين فيه، وإفاقته من سباته، ليضطلع بأهدافه ومسؤولياته كما ينبغي وكما يفترض، ويحدث نقلة نوعية وتنمية مستدامة فعلية.
المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية جزء لا يتجزأ من كيان الدولة، والمطالبة بإلغائه قبل أشهر ذهبت أدراج الرياح مع صدور مرسوم بتبعية إشرافه للشيخ أحمد الفهد، لتراهن الدولة عليه مجددا، وليكون نواة في نهضة البلاد وإعادة الحياة لها، وتطوير جزرها ومشاريعها الإسكانية العملاقة، وما نرجوه، هو أن هذا المجلس كتب له ميلاد جديد وأشرفت عليه شخصية استثنائية جسورة تعيد له هيبته ومكانته.
لعل القادم أكثر تفاؤلا وإشراقا، بإذن الله، فالقواعد الأساسية من البنية السياسية لدولتنا الحبيبة تغير هيكلتها وتجدد حيويتها، وحتى ننجح في ذلك، لابد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ونسف عقلية المحسوبيات، ومحو أخطاء الماضي المنصرم، وعثرات العهود السابقة بما يضمن نهضة أمتنا وإفاقتها.