دخلت حملة محاربة ظاهرة الشهادات العلمية المزورة مرحلة جديدة ومهمة بعد أن شكل مجلس الوزراء لجنة سداسية برئاسة إدارة الفتوى والتشريع لفحص الشهادات الدراسية للعاملين في الجهات الحكومية والقطاع الخاص من المواطنين والمقيمين وقبلها وتحديدا في 20 يونيو الماضي، شكلت لجنة مختصة في فحص الشهادات الدراسية ما بعد الثانوية العامة بجميع درجاتها العلمية للموظفين المواطنين والمقيمين الصادرة من خارج الكويت منذ عام 2000 للتدقيق على صحة الشهادات العلمية ومراجعتها وفق الأسس والمعايير المعتمدة.
ورغم هذه الجهود الكبيرة المبذولة في مواجهة ظاهرة الشهادات المزورة التي تفشت في البلاد منذ سنوات إلا أنه في كل المرات التي يتم فيها فتح هذا الملف الشائك والمعقد تخرج تصريحات حماسية وتكثر الاتهامات وتتوزع هنا وهناك وتسرد الحكايات والروايات وتبدأ التحقيقات وتنتهي دون أن نصل إلى حل جازم وقاطع للمشكلة، فعلى سبيل المثال تم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية سنة 2022 كشفت عن وجود أكثر من 140 شهادة علمية مزورة صادرة باسم جامعات من دولة عربية، وسمعنا عن ضبط وافد يعمل في الكويت كان وراء عمليات التزوير، ولكن لم نعرف حتى الآن ماذا حدث مع المزورين، وهل تم تطبيق القانون عليهم وماذا حدث في قضايا مماثلة سابقة تم الكشف فيها أيضا عن تزوير شهادات علمية.
وإذا كانت هناك جدية في علاج هذا الملف وإغلاقه بشكل نهائي فيجب أن تتم محاسبة جميع الحاصلين على شهادات وهمية ومزورة دون محاباة، وكذلك أن تشمل محاسبة من سهل لهم الالتحاق بهذه الجامعات المزيفة ومن اعتمد شهاداتهم المزورة ومن قام بتعيينهم في الهيئات والوزارات الحكومية دون تدقيق على مؤهلاتهم بل إنه يجب أن تكون هناك وقفة جادة تجاه الجامعات التي تفتح كدكاكين لبيع الشهادات الوهمية والمزورة.
أيضا إذا كانت هناك جدية في حل هذه المشكلة فيجب أن تعرف أن السبب الحقيقي الذي يدفع الكثيرين إلى اللجوء لدول خارجية للحصول على مؤهل جامعي وتحمل معاناة الغربة والتكاليف المالية الكبيرة التي تثقل كاهلهم في ظل وجود عدد كبير منهم يعول أسرا وأطفالا هو عدم وجود جامعات حكومية تستوعب الراغبين في الحصول على مؤهل عال وفي إكمال دراساتهم الأكاديمية ونيل الماجستير والدكتوراه، فلو كانت لدينا جامعات عديدة فما الذي كان سيدفع أبناءنا للجوء إلى الخارج والتعامل مع جامعات وهمية والوقوع فريسة للنصابين واتهامهم بالتزوير وسحب شهاداتهم ووظائفهم خصوصا أن الكويت دولة غنية وساهمت في إنشاء جامعات في دول أخرى.
نقطة أخيرة أود الإشارة إليها هي ان الاتهامات بالتزوير التي توجه لحاملي شهادات بعض الجامعات يجب أن تكون مدعومة بمستندات ولا تلقى جزافا حتى لا تسيء إلى الكويت وتشوه السمعة العلمية لأبنائها قبل أن تسيء إلى أصحاب الشهادات وأسرهم، كذلك يجب ألا تكون هناك أحكام معممة، فهناك شهادات صادرة عن جامعات ومعاهد عليا كان معترفا بها من قبل وزارة التعليم العالي في فترة زمنية ثم ألغي هذا الاعتراف وبعض حاملي هذه الشهادات لديهم أحكام قضائية باتة بصحتها وتم تصديقها ومعادلتها من قبل وزارة التعليم العالي وعين أصحابها في وظائف وتقلدوا مناصب، فإذا كانوا مزورين فلماذا تم قبولهم والاعتراف بشهاداتهم وتعيينهم والسكوت عنهم لسنوات طويلة؟.. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
[email protected]