مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة خصبة لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة والأفكار المتطرفة والدعوات المغرضة والمحرضة، ويحاول البعض نقل هذه العدوى إلى الكويت، ما أثار مخاوف خطيرة بشأن سلامة البلاد وأمنها، ودفع ذلك الحكومة منذ أيام إلى تجديدها التحذير من خطورة نشر الشائعات والأخبار والمعلومات المغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتهديدها باتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاه كل من يثبت قيامه ببث هذه الشائعات.
ومن بين الشائعات التي تم تداولها مؤخرا الحديث عن تسجيل الأجهزة الأمنية للمكالمات والمحادثات التي تجرى عبر الهواتف وتطبيق «واتساب» ومراقبة ما يكتب ويقال على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا «تويتر» وهو ما نفته وزارة الداخلية، موضحة أن كل ما يحدث ما هو إلا متابعة ورصد، وهذا برأيي في إطار مهامها لحماية الكويت من الذين يسعون إلى إدخالها في دوامة من البلبلة والصراعات والفتن، خصوصا أننا نمر هذه الأيام بفترة حرجة في المنطقة كلها في ظل التصعيد المتصاعد واحتمالية نشوب حرب إقليمية، وبالتالي يجب علينا الحرص على المصلحة الوطنية وعدم الانسياق وراء الأخبار والمعلومات غير الصحيحة.
وما أود التأكيد عليه هنا أن وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من فوائدها العديدة التي يمكن أن تقدمها للناس من حيث تسهيل التواصل والتعارف والتقريب بين الشعوب ونقل المعارف والمعلومات والتعليم، إلا أنها في الوقت ذاته لها العديد من السلبيات التي تشكلها على الفرد والمجتمع، يأتي في مقدمتها نشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة التي تنتشر بسرعة كبيرة وتسبب حالة من التشويش والفوضى، وربما تؤدي في كثير من الأحيان إلى شحن وتسخين الرأي العام ضد قضية معينة أو شخص أو جماعة أو ضد الوطن كله، وهذا بدوره يتسبب في إثارة الفتن والنعرات الطائفية والقبلية.
وقد رأينا خطورة مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة ما يسمى «الربيع العربي»، حيث لعبت دورا مهماً في تعزيز موجات التظاهرات والاحتجاجات في العديد من الدول العربية واستمر الدور السلبي لهذه المواقع فيما بعد انتهاء التظاهرات لتغذية الصراعات والانقسامات، الأمر الذي تسبب ولا يزال في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وإذا كنا ننادي بحرية الرأي والنشر سواء في وسائل الإعلام التقليدية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن ذلك يجب أن يكون مقرونا بالمسؤولية الكاملة والأمانة والصدق والحرص على المصلحة الوطنية العليا، ومن لا يلتزم بذلك ويخرج عن النص وينشر الشائعات ويسعى إلى زعزعة استقرار البلاد يجب على الحكومة مواجهته بكل الوسائل الممكنة وهي قادرة على ذلك من خلال تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية رقم 37 لسنة 2014 الذي يعد أداة قوية لمكافحة انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يواجه مروجو الشائعات عقوبات صارمة بموجب هذا القانون.
الله ثم الوطن من وراء القصد والسبيل.
[email protected]