بقلوب حزينة مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودعنا منذ أيام عميد أسرة آل الصباح الكرام ورئيس الحرس الوطني المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سالم العلي، أحد رجالات الكويت العظماء الذي رحل عن عالمنا بعد مسيرة حافلة شارك خلالها في تقدم الكويت ونهضتها وتعزيز أمنها ووحدتها وتلاحم أبنائها وقدم لها العديد من الخدمات والأعمال الجليلة على مدار سنوات طويلة قضاها في العمل العام الدؤوب من خلال العديد من المناصب التي تقلدها وترك فيها بصمات خالدة جعلته يتربع على عرش القلوب نظرا لحبه الشديد وإخلاصه المتفاني للكويت وأهلها، كما أنه أصبح نموذجا يحتذى من قبل الكبار والصغار في العمل الوطني والخيري.
ومنذ بداياته الأولى اقترن اسم المغفور له الشيخ سالم العلي بالعمل الجاد والعطاء غير المحدود والإنجازات المتميزة، حيث شارك في وضع دستور الكويت الذي انطلقت منه نحو التقدم والنهضة، ثم ساهم بجهد كبير خلال عمله في المجلس البلدي ووزارة الأشغال في تخطيط المشروعات الإنشائية الكبرى في البلاد وتأسيس المساكن الشعبية لذوي الدخل المحدود وبناء المدارس والمؤسسات العلاجية من مستشفيات ومستوصفات، إضافة إلى شبكات الطرق التي تمر في كل مدن وأحياء الكويت.
ومن أهم المحطات في حياة الشيخ سالم العلي، رحمه الله، إسهامه في تأسيس الحرس الوطني وتعزيز مهامه في مساندة الجيش بالدفاع عن الوطن وحفظ أمنه واستقراره، حيث أثبت كفاءة ملحوظة في قيادته وتطويره وفق الأساليب العسكرية العصرية ليصل هذا الجهاز المهم والحيوي للشكل الذي هو عليه الآن وليعلن كأول مؤسسة بالكويت عام 1994 في القضاء على محو الأمية لدى منتسبيه واستمر التميز بحصول الحرس الوطني على درع جائزة الكويت للتميز المؤسسي بمشروع محو الأمية الأبجدية والمعلوماتية والمهنية.
ومن أهم أعمال ومآثر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سالم العلي التي لا يمكن إغفالها دعمه البارز للثقافة والمعرفة من خلال إطلاقه جائزة مسابقة المعلوماتية التي حملت اسمه عام 2000 لتصبح أحد الأنشطة المميزة محليا وإقليميا وخطوة رائدة للأخذ بالشباب في الكويت والوطن العربي إلى عالم المعرفة والتكنولوجيا، حيث شهدت هذه الجائزة وماتزال اهتماما ودعما متواصلا من القيادة السياسية في البلاد وإقبالا كبيرا من المشاركين من جميع الدول العربية.
وبالإضافة إلى الأعمال والمهام الرسمية كانت لفقيد الكويت الكبير الشيخ سالم العلي، رحمه الله، إسهامات مجتمعية عديدة فأياديه البيضاء وأعماله الخيرية شملت أرجاء الكويت من خلال التبرعات السخية ودعم المحتاجين وأسر الشهداء والمتقاعدين وصندوق الأسرة وتأسيس المستشفيات والمدارس، إلى جانب الإنفاق على مشاريع خيرية عديدة خارج الكويت كبناء المساجد والمكتبات والمستشفيات والمرافق الاجتماعية والثقافية والتربوية.
واليوم ونحن ننعى ببالغ الحزن فقيد الكويت المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سالم العلي الرمز المشهود في العمل والعطاء والخير والنموذج والمثل الأعلى في الوطنية وفعل الخير، ونستذكر بكل فخر واعتزاز مسيرته الحافلة وبصماته المضيئة، نسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الأبرار والصالحين والصديقين وحسن أولئك رفيقا. كما نسأل الله العلي القدير أن يجزيه الجزاء الأوفى على ما قدمه من أعمال جليلة وخدمات عظيمة وإسهامات مميزة في خدمة وطنه وأمته وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
[email protected]