تواصل الكويت المسيرة المباركة التي بدأتها منذ عقود طويلة بالعمل الإنساني ونشر الخير في كل ربوع العالم بمبادئ ثابتة لا تحيد عنها تقوم على العطاء الصادق للجميع دون تمييز أو تفرقة وتترفع عن سياسات الاستقطاب والمحاور، وهذا ما يكسبها احترام وتقدير وحب العالم كله، وتكلل ذلك في سبتمبر عام 2014 إذ كانت الكويت على موعد مع حدث استثنائي غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة يليق بتاريخها الإنساني المشرف وريادتها في الأعمال الإنسانية والإغاثية لشعوب العالم، حيث تم اختيارها مركزا للعمل الإنساني وتسمية سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد - رحمه الله - قائدا للعمل الإنساني.
وعلى مدار السنوات الماضية حرصت الكويت على أن تحافظ على دورها الإنساني الذي تقوم به وفي الوقت ذاته واصلت مراقبة العمل الخيري داخل البلاد وعملت على تنظيمه حتى لا يحيد عن الدور المنوط به وبما يعكس مكانة الكويت الريادية في هذا المجال ويعزز أهمية العمل الخيري كمصدر فخر واعتزاز، لذلك تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية على غربلة واسعة للمبرات الخيرية للوقوف على مدى فاعليتها والخدمات التي تقدمها ومدى التزامها بالضوابط والاشتراطات المنظمة للعمل الخيري وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.
وفي الحقيقة أن بعض مبرات الخيرية تسيء إلى الكويت كمركز للعمل الإنساني من خلال ارتكابها مخالفات مالية وإدارية، لذا تقوم وزارة الشؤون بين فترة وأخرى بإغلاق مبرات لأسباب واحدة في كل مرة وهي عدم تفرغ أصحابها لإدارتها وعدم وجود حسابات بنكية لها وعدم قيامها بأي أنشطة على أرض الواقع وعدم تقديمها الموازنة والتقارير المالية التي توضح حجم الأموال التي جمعتها من تبرعات أهل الخير وأين أنفقت، وبالتالي يحتاج الأمر إلى رؤية جديدة وإجراءات أكثر صرامة مع المبرات التي تغرد خارج السرب وتكون بقعا سوداء في ثوب الكويت الإنساني الناصع البياض.
وتعمل الكويت على ضبط عمل المبرات الخيرية من خلال قانون تنظيم العمل الخيري المعروض حاليا على طاولة إدارة الفتوى والتشريع من أجل مراجعته واعتماده، والذي يجب الإسراع في إقراره ليرى النور، لأنه سيحل الكثير من المشاكل وسيقوم بتنظيم العمل الخيري الكويتي داخل البلاد وخارجها ويعزز الالتزام الإداري والشفافية في جمع الأموال وإنفاقها فيما يخدم المصلحة العامة ويحقق الأهداف الوطنية، خصوصا أن وزارة الشؤون تدعم المبرات والجمعيات الخيرية، وهناك من يستغل ذلك بإنشاء مبرات شكلية لا وجود لها على أرض الواقع بهدف الحصول على الدعم وجمع الأموال من فاعلي الخير الكرام الذين يتبرعون بها لإيصالها الى مستحقيها.
وفي إطار جهود تنظيم العمل الخيري، نتمنى من وزارة الشؤون أن تتبنى الإجراءات الإلكترونية الحديثة التي تضمن حماية أموال المتبرعين ووصول الخدمات والمساعدات إلى مستحقيها بكفاءة وشفافية، فالكويت باعتبارها مركزا للعمل الإنساني يجب أن تواصل دعم المبادرات الخيرية مع مراقبتها وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وأن تكون جميع الإجراءات التي تتخذها وفق قانون دقيق يعزز الثقة بالعمل الخيري ويضمن استدامته لخدمة المجتمع والمحتاجين في كل بقاع العالم ويحقق الشفافية ويمنع استغلاله من قبل ضعاف النفوس الذين يجمعون الأموال لأنفسهم أو ينفقون ما يتبرع به الناس على غير وجه حق.
[email protected]