أعزائي القراء ما كتبت إليكم اليوم لكي أحدثكم عن شفيق الغبرا الفيلسوف والمحلل السياسي والمفكر صاحب الآراء السياسية العميقة.
لأنكم باختصار تعرفون من هو شفيق الغبرا، صاحب الكلمة الحكيمة في كل حدب وصوب، ويكفي أن تكتب اسمه في محرك البحث «غوغل» لتجد مئات النتائج التي توضح فكر وحكمة الرجل.
الأمر الآخر أنكم تعرفون شفيق المفكر والمحلل، وربما تحفظون من آرائه وأفكاره أكثر من مني، فمن بالكويت لا يعرف شفيق الغبرا؟!، وهو نار على علم، وكثيرا ما حمل لواء الفكر والتنوير السياسي والدفاع عن بلده الكويت، وكثيرا ما كانت تحليلاته السياسية بمنزلة خارطة الطريق للمراحل القادمة.
هذا هو ما دفعني للابتعاد عن الحديث عن شفيق من الناحية العملية، ولذلك جئت اليوم لأتحدث عن شفيق الإنسان، الذي كان لي شرف مزاملته ومصاحبته والتتلمذ على يديه لسنوات طويلة.
فلقد كان من حسن طالعي أن الطريق إلى مكتبه يمر عبر الممر المقابل لمكتبي، ولذلك فقد كانت تحية الصباح تجمعنا، وكانت المناقشات والأحاديث الأخوية في نهاية اليوم، هي مسك الختام بالنسبة لليوم الجامعي الحافل.
ولكن أود إخواني القراء أن أنقل لكم الود والطيب وحسن الأخلاق في كلمات الشفيق الرقيق الصديق، فهو كالمسك والرحيق، كما هو في التحليل صاحب الفكر والبريق.
أحاديث طويلة لسنوات طويلة، أكدت يوما بعد يوم على المعدن الأصيل لهذا الصديق الصدوق، الذي تغنت به ابنته حنين (يا بابا) نعم إنه والد الكثير ونعم الوالد أنت أيها الشفيق.
توقفت كثيرا عند مرضه بالسرطان، وخفت عليه جدا ككثير من أحبابه وطلابه أمثال (عبدالله الهاجري وعبدالهادي العجمي)، لكنه كان كما عهدته، قويا صابرا مجاهدا ورابطا ومرابطا، ومع رحلات علاجه بالخارج استمر شفيق في نهجه مع المرض، وصراعه الطويل المرير معه، ويبدو أن السرطان كان عليه أن يعرف من هو شفيق الغبرا، قبل أن يحل عليه ضيفا، فهذا الرجل المثابر المجاهد لا يستسلم بسهولة، ولعل ما يدفعني لقول هذا، أنه برغم ما مررت به في الفترات السابقة، فكنت حين احدث أخي شفيق، أنسى ما بي من هموم، وتصغر في عيني الدنيا، وأستصغر ما بي من هم، لذا سميته المثابر والمرابط والمجاهد والشفيق.
تبدو الرحلة طويلة، وتبدو القلوب مثقلة، لكنها أخيرا حملت البشرى برجوع شفيق إلى أرضه وبين أهله وناسه، وها هو يتلقى العلاج الآن بفضل الله في مستشفى مكي حسين جمعة، وبمشيئة الله يكتمل شفاؤه على خير، فاللهم اشف أخي شفيق، وأذهب عنه الهم والحزن والمرض، اللهم اجعل مرضه وألمه من مكفرات الذنوب، اللهم ارزقه الثبات والقوة، واعده إلى بيته وأهله وجامعته وطلابه معافى من كل سقم.
أرجوحة أخيرة: لا أكف عن الاغتراف من نهر حكمتك ومعرفتك أخي الحبيب والغالي، فمع مرضك وتعبك، كنت مهتما بمساندتي في محنتي، وهو ما يحدوني لأصدع بها في أنحاء الدنيا «كان سؤالك وكلماتك تكفيني» شفاك الله وعافاك، وأعادك إلى لأحبابك في خير صحة وأحسن حال يا أخي وأستاذي وزميلي أيها الشفيق.