تعتمد معظم الدول أسلوب التخطيط الحقيقي القائم على ما تمتلكه من إمكانات بشرية وموارد اقتصادية على اختلاف أنواعها الصناعية والزراعية والتجارية والاستثمارية وغيرها من المصادر الطبيعية التي تمنحها بعض المزايا التي تجعلها متفردة عن غيرها كما هو الحال بالنسبة لدول الخليج العربي من حيث الثروة النفطية وتأثيرها في خطط التنمية ورسم مستقبل أفضل للبلاد وشعوبها.
ولعل بداية التخطيط السليم تكون من خلال وضع البرامج التعليمية المناسبة ودراسة التخصصات المطلوبة لمجالات العمل المستقبلية لأبناء الكويت، وهذه من الأمور التي تشغل بال أولياء الأمور والطلبة خريجي الثانوية العامة بأقسامها المختلفة (العلمي والأدبي والديني)، وكذلك الحكومة التي تسعى لتحقيق النهضة والنجاح لجميع مشروعاتها وخطط عملها بناء على الاعتماد على العنصر البشري بشكل أساسي والذي يمثل الطلبة عماده كونهم الأساس الذي يرتكز عليه العمل والإنجاز المأمول المرتكز على عمل الخريجين في تخصصاتهم وحسن توزيعهم على الوزارات والجهات الحكومية وما يختارونه من مجالات العمل الخاصة المرتبطة بخبراتهم الأكاديمية والعلمية.
لكننا في كل عام ومع صدور نتائج الثانوية العامة تبدأ معاناة البعض بين القبول في التخصص الجامعي المرغوب منهم وبما يتناسب مع درجاتهم ونسب القبول المحددة، وكذلك انتظار البعثات الداخلية والخارجية لدراسة بعض التخصصات، والتي يكون العبء الأكبر فيها على وزارة التعليم العالي باعتبارها الوزارة المتخصصة باستيعاب جميع خريجي الثانوية، ورسم ملامح مستقبلهم بناء على هذا القبول.
وهذه الأيام، اصبح لدى «التعليم العالي» مساحة اكبر للعمل بحرية اكثر لإصدار القوانين واتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة التعليم ومرافقه بشكل عام والطلبة والتلاميذ بشكل خاص، وبما يتناسب مع الاحتياجات الفعلية لبعض التخصصات الأكاديمية التي ستشكل رافدا كبيرا لسوق العمل في الكويت وبما يسهم بتحقيق الخطط والبرامج الحكومية الموضوعة والمستقبلية بشكل متناسق كون سواعد شباب الكويت هي التي ستبني وتؤسس لاستمرار النهضة التنموية وتحقيق رؤية «كويت جديدة 2035»، مع مراعاة تكافؤ الفرص في توزيع وقبول الطلاب الناجحين بناء على درجاتهم ونسب تحصيلهم ورغباتهم الدراسية على الكليات والمعاهد، وبما يضمن تغطية احتياجات الوزارات والجهات الحكومية، وكذلك القطاع الخاص الذي لا بد أن يكون له دوره في استقطاب أصحاب الكفاءات والمتخصصين في مجالاتهم وبما يرسخ التعاون الحقيقي والتكامل بين القطاعين الحكومي والأهلي بشكل فاعل ليعود على الجميع بمردود حقيقي على صاحب العمل والعامل.
وفي هذا السياق لا بد من الإشادة بالحملات الإرشادية التي تقيمها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي وجامعة الكويت والجامعات الخاصة سنويا لتعريف الطلاب وتثقيفهم بشروط الالتحاق وقواعد القبول بالكليات والمعاهد ونظام الدراسة، وكذلك المعارض التي تقدم معلومات عن بعض التخصصات والجامعات والمجالات المتاحة بعد التخرج، بحيث يكون الطالب أو الطالبة على اطلاع على المراحل التي سيمر بها وكذلك المواد التي سيدرسها حتى التخرج، وما القدرات الأكاديمية والعلمية التي سيحصل عليها خلال سنوات الدراسة ومجالات العمل المتوقعة.