في ظل الظروف الإقليمية الراهنة وما تشهده المنطقة من اضطرابات سياسية وأمنية، تصبح الوحدة الوطنية ضرورة لا تقبل التأجيل أو المساومة، وإن الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية في الكويت مسؤولية وطنية تقع على عاتق كل فرد، فهي صمام الأمان الذي يحمي الوطن من تداعيات الأزمات الإقليمية المحيطة.
لقد أثبتت التجارب التاريخية أن قوة الدول لا تكمن فقط في مواردها الطبيعية أو قدراتها العسكرية، بل في تماسك شعبها ووحدته في مواجهة التحديات، واليوم، ونحن نعيش في منطقة تعصف بها الأزمات، من الضروري أن نضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، متجاوزين الخلافات الضيقة والتجاذبات التي قد تهدد هذا التماسك.
إن دور الحكومة في هذا السياق لا يقل أهمية عن دور المواطن، فهي الجهة المعنية بوضع السياسات التي تعزز الوحدة الوطنية، وترسخ قيم التسامح والاعتدال، وتحد من مظاهر التفرقة والتناحر. فمن خلال دعم التعليم، وتعزيز الثقافة الوطنية، وتوفير منابر إعلامية هادفة لنشر الوعي المجتمعي، تستطيع الحكومة خلق بيئة حاضنة للاستقرار والتلاحم بين أفراد المجتمع.
الوطن ليس مجرد مساحة جغرافية نعيش عليها، بل هو كيان نتمتع بخيراته وننتمي إلى تاريخه ومستقبله. لذا، يتطلب الوضع الحالي من كل مواطن أن يعي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأن يدرك أن الأمن والاستقرار هما ركيزتا التنمية والتقدم، وإن الاختلاف في الرأي مشروع وجزء من الممارسة الديموقراطية، لكن هذا الاختلاف يجب أن يبقى ضمن إطار الحوار البناء الذي يعزز الوحدة ولا يهدمها.
الحفاظ على الوحدة الوطنية لا يقتصر على الخطابات والشعارات، بل هو ممارسة يومية تبدأ من التزامنا بالقوانين واحترام مؤسسات الدولة، مرورا بنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر، وانتهاء بالمشاركة الفاعلة في بناء المجتمع.
إن ما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا من قيم التعاون والتلاحم هو إرث ثمين يجب أن نحافظ عليه وننقله للأجيال القادمة، لقد واجه الأجداد التحديات بمزيد من الصبر والتكاتف، وهو ما مكن الكويت من أن تصبح نموذجا في الاستقرار والوحدة. واليوم، تقع على عاتقنا جميعا مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث وتعزيزه.
في الختام، إن الدعوة إلى الوحدة الوطنية ليست ترفا، بل ضرورة حتمية في هذه المرحلة الدقيقة. فلنكن جميعا على قدر هذه المسؤولية، ولنحافظ على الكويت واحة أمن واستقرار، يجمعنا حب الوطن وانتماؤنا له تحت راية واحدة، راية الكويت قيادة وشعبا.
مختصر مفيد: الوحدة الوطنية هي أساس قوة وتماسك المجتمعات، وتعني التعايش السلمي والتعاون بين جميع أفراد المجتمع رغم اختلافاتهم العرقية أو الدينية أو الثقافية. تعزز الوحدة الوطنية الاستقرار والأمن، وتدفع نحو التنمية والتقدم من خلال ترسيخ قيم المواطنة، المساواة، والولاء للوطن. الحفاظ على الوحدة الوطنية يتطلب نبذ التعصب والتفرقة، والعمل على تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع.
[email protected]
M_TH_ALOTAIBI@