كثيرا ما يخلط الناس بين الاعتذار وعزة النفس، وغالبا ما يشعر الإنسان المعتذر بالحرج، ومعتقدا التقليل من ذاته، حين يقوم بالاعتذار، لذا نجد الكثير يستثقل الاعتذار، ويعتبره خنوعا وخضوعا.
هنا أنا لا أنشد الاعتذار حرفيا بكلمة «آسف» وهي من ثلاثة حروف لكن تحمل بين طياتها الكثير من المعاني.
فالاعتذار له عدة مواصفات سواء في الأسلوب والطريقة واختيار الكلمات، والوقت المناسب، وإما أن يكون علنيا أمام الملأ أو اعتذارا شخصيا بين اثنين.
وأيضا يعتمد على الشخص الذي تعتذر منه، إن كان زميلا أو مسؤولا بالعمل أو الاعتذار لشخص بمكان عام أو الاعتذار في محيط الأسرة. جميع تلك الفئات لا تريد منك كلمة «آسف» بعينها بل بإمكانك المبادرة بالحديث والابتسامة وتلطيف الجو بما يفرضه ذلك المناخ وما يتطلب منك، كالسؤال عن أحواله وصحته أو معايدته بإحدى المناسبات لكسر الجمود وليعطي إحساسا للطرف الآخر أنه متألم لما حصل وتريد فتح عهد جديد معه، وهذا يتضح تماما يبن الأزواج حين يبدأون يومهم بابتسامة وكلمات الثناء والشكر دون وضع النقاط على الحروف في كل كبيرة وصغيرة وإلا سيتحول عش الزوجية لحلبة شجار من باب المفهوم الخاطئ للشخصية القوية في تلك المواقف. الإنسان في أغلب الأحيان يحتاج لفيتامين «ح»،لأن الحب والتعامل الحسن الراقي يذيبان المشاكل مهما عظمت بين طرفي النزاع، والمبادرة هي سيد الموقف، والملاحظ أن الحب نظيره القبول. وليعلم الأباء والأبناء أن العلاج لن يكون بالمال أو بتوفير الرفاهيات أو بالتجاهل والقسوة، بل بالكلمة الطيبة اللينة على مسامعنا، ولا نقول هذا صغير وسينسى الإساءة حين يكبر، أو ذاك كبير وسيغض البصر.. التأخير في الاعتذار سيخلق أمراضا نفسية توصل البعض للعلاج النفسي الكيميائي، وأغلب الناس يعانون بسبب الجهل في فهم الحياة ويقومون بتدمير بعضهم دون دراية منهم بذلك. لذا نرجو الانتباه والتفرقة بين تقدير الذات ومن دون اللجوء إلى الفظاظة وغلظة القلب تحت ستار الشخصية القوية في المواقف الحياتية وإلا سنتهم بالكبر والغرور على الآخر، وأما الاعتراف بالعيوب فهو المقدمة للشفاء من العيوب وصلح مع الذات بما أن الصلح سيد الأحكام.