«لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جار»، كثير من المواطنين والوافدين امتعض من انقطاع التيار الكهربائي صيف هذا العام، والجميع يشير ببنانه الى التقصير من قبل وزارة الكهرباء والماء. ولكن لو نظرنا عن كثب في السبب الرئيس فسنجد أن المستهلك هو السبب، وهذا يسري أيضا على هدر المياه. وهنا لا أقصد فقط في فصل الصيف ووطأة حرارته، بل على مدار العام. يجب أن نعي ان إسلامنا حثنا على عدم الإسراف وفي المقابل نجد ان الدول الغربية غير الإسلامية ذات الأنهر والشلالات أكثر منا حفاظا على مواردها الطبيعية، إذن المسألة ثقافة شعوب وتورث لأجيالها للحفاظ على نعمهم وأوطانهم وأموالهم.
وكثيرا ما نجد اللامبالاة في الترشيد عند العالم الثالث في الدول النامية، حيث الحكومات تقوم مشكورة بتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها، لكن الشعوب تعيش في سبات عميق ولا يدركون مدى عناء وتكلفة توفير الماء والكهرباء من قبل الحكومات لمواطنيها.
نجد، ومع الأسف ان أفرد الأسرة حين موعد النوم لا يقومون بإغلاق الكهرباء في أغلب أرجاء المنزل، لعدم وجود تلك الثقافة، والعمالة المنزلية تهدر المياه بشكل جنوني، لعدم وجود الرقابة، إذن غياب الترشيد من الأم والأب له دور كبير في ذلك الإسراف دون رحمة بالوطن أو لرب الأسرة حين دفع الفواتير.
كنا نقول الإعلام والمدارس لها الدور في الحد من تلك الظاهرة السلبية، ولكن في الواقع المسؤولية في الدرجة الأولى تقع على عاتق الأسرة في غرس مفاهيم الترشيد في أطفالهم منذ الصغر وعمليا من خلال منازلهم إلى ان تصبح ثقافة شعب تقديرا على النعم التي بين أيدينا... والعلاج لا يكون إلا بتفعيل الشريحة الإلكترونية عند باب كل أسرة في القطاع الخاص أو الحكومي، والوافد أيضا شريك مع المواطن بالهدر، حين يجد كل منهما يدفع فواتير الماء والكهرباء شهريا بالتأكيد سيبدأ مرغما بتوعية أسرته لمساعدته بالحد من الصرف المادي والمعنوي، والسداد الشهري إلكترونيا ليسهل عليه المهمة بدلا من تكدس فواتير 3 أشهر فيتعثر بالسداد ويتعرض لمساءلة قانونية وقطع الخدمات عن أسرته وغرامة مالية... وبهذا النظام الجديد نكون قد فرضنا ثقافة عدم الإسراف في الماء والكهرباء وارتقينا بالمواطن والوافد معا ونكون أيضا وفرنا على الدولة الكثير.
حبذا لو التفتنا إلى تفعيل وسائل النقل العام في المناطق السكنية بمواصفات تلائم ظروفنا البيئية على غرار الدول المتقدمة للتقليل من استخدام كل فرد سيارة خاصة به، فما سنجنيه من فوائد سيكون في مصلحة الوطن والإنسان.