سارت على رياح التغيير في تونس ومصر بعض الشعوب العربية في المشرق كما في المغرب العربي الكبير، فالمتطلع للواقع الجغرافي للجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ووجودها بين تونس مصر فان وضعها السياسي مختلف نوعا ما، فإذا كانت الولايات المتحدة الاميركية حليفة استراتيجية لمصر، وكذلك الاتحاد الاوروبي وبالذات فرنسا التي لها التأثير الكبير على القرار السياسي في تونس، فإن علاقة ليبيا مع الولايات المتحدة الاميركية ليست على المستوى المطلوب مع اعلان تخلي ليبيا عن برنامجها النووي عام 2003 وكذلك علاقة ليبيا مع الاتحاد الاوروبي ليست على ما يرام.
وفي الجماهيرية والتي يبلغ عدد شعبها 6 ملايين نسمة، ويحكمها الاخ القائد العقيد معمر القذافي منذ عام 1969 استجدت في مدينة بنغازي في الشرق الليبي احداث مظاهرات مواكبة لحالة التغير السياسي التي تعصف بكثير من الدول العربية، وفي المقابل قاد الاخ العقيد معمر القذافي مظاهرات مضادة في طرابلس.
ان الاخ القائد العقيد معمر القذافي يستمد قيادته للجماهيرية من علاقته المتميزة بالقبائل التي تمثل الرقم المهم في النسيج الاجتماعي والسياسي بالجماهيرية، وان كانت الجماهيرية ذات طبيعة مختلفة على مستوى العالم وكذلك الاخ القائد العقيد معمر القذافي مميز في قيادته فإنني اتوقع نهاية مختلفة جدا للاحداث في الجماهيرية الليبية العربية الاشتراكية العظمى.
اما في موريتانيا ذات التجربة الوليدة للديموقراطية على النموذج العربي التي اجريت في نواكشط عام 2009 فإن الشعب الموريتاني بانتظار ان تؤتي ثمارها سلبا او ايجابا، فإن متضامين مع رياح التغيير من سياسيين ومثقفين من جميع شرائح المجتمع الموريتاني قد حذروا من استبداد بعض الحكام في المنطقة والذين يحكمون بلدانهم بقبضة حديدية ويستقوون على شعوبهم بالقوى الخارجية.
اما في الجمهورية الجزائرية التي يبلغ عدد سكانها ما يزيد على 35 مليون نسمة وتعتبر دولة مصدرة للنفط والغاز فإن الحكومة الجزائرية قد حشدت بالجزائر العاصمة اكثر من 30 ألف شرطي لمنع التظاهرات التي دعت لها التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية (تضم عدة احزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني) في منتصف شهر فبراير، وقد اكد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة السماح للمظاهرات في جميع المدن الجزائرية ما عدا الجزائر العاصمة، وطلب من الحكومة احتواء المعارضة في وسائل الاعلام الرسمية وتعهد بوعود منها رفع حالة الطوارئ والحد من ارتفاع الاسعار وتأمين الوظائف للعاطلين من الشباب الجزائري الذي تبلغ نسبة البطالة فيه 20%.
اما في المملكة المغربية فالوضع مختلف تماما فإن رياح التغير والتغيير قد هبت قبل عقد من الزمان، وقادها الملك محمد السادس حيث اسس جلالته «هيئة الانصاف والمصالحة» وفتح ملف حقوق الانسان بالمغرب واطلق «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» التي ترفع من مستوى المواطن المغربي وتحد من الفقر والتهميش وفتح مشاريع كبرى تهتم بالبنية التحتية والسير في اتجاه «الجهوية الموسعة» وتنمية جميع جهات البلاد واقرار «مشروع الحكم الذاتي للاقاليم الجنوبية» لحل نزاع الصحراء ان زيارات الملك المغربي محمد السادس الميدانية والمستمرة لجميع جهات ومناطق المملكة ان دلت على شيء فإنما تدل على قربه من شعبه بجميع اطيافه.
[email protected]