أصبحت مقاطعة المستهلك شكلا متكررا من أشكال الاحتجاج الاجتماعي في العصر الرقمي، وتتنوع الممارسات الخاطئة التي تحفزها الشركات، بما في ذلك التعاون أو التواطؤ مع أنظمة سياسية غير شرعية كما نشهد اليوم مع أزمة غزة.
تاريخيا، كان لمقاطعة المنتجات تأثير، لكن درجته تعتمد على عوامل مختلفة، إذ ليس بالضرورة أن يكون تأثيرا نقديا، كما أن أي تأثير هو غير مضمون.
وفقا للخبراء الذين تعقبوا هذه المقاطعات، فإن المقاطعة النموذجية ليس لها تأثير كبير على إيرادات المبيعات على المدى الطويل، خاصة للشركة الراسخة ذات الحضور العالمي. وأحد الأسباب هو الطبيعة المعتادة للمستهلكين، فضلا عن حقيقة أنه حتى الأشخاص الذين يدينون شركة ما علنا، قد يستمرون في شراء منتجاتها بالخفاء. إضافة لذلك، قد لا يكون المقاطعون للشركة من المستهلكين المستهدفين، أو من الأشخاص الذين يحققون أكبر قدر من الأرباح.
في مجال الأعمال، توجد قاعدة 80/20 التي تنص على أن 80% من أرباح الشركة عادة ما تأتي من أعلى 20% من عملائه. مع ذلك لاتزال عمليات المقاطعة فعالة إلى حد ما، لأنها يمكن أن تهدد سمعة الشركة من خلال توليد تغطية إعلامية سلبية. يزعم العلماء أن المؤشر الأول لما يجعل المقاطعة فعالة هو مقدار الاهتمام الإعلامي الذي تخلقه، وليس عدد الأشخاص الذين يوقعون على العريضة، أو عدد المستهلكين الذين تحشدهم.
إذ تؤدي عمليات المقاطعة التي تتصدر العناوين الرئيسية إلى زيادة احتمالية تغيير الشركات لسلوكها، لكنها أيضا ـ لسوء الحظ ـ تروج لاسمها، ويقول العلم انه إذا لم يقاطع غالبية العملاء، فقد تحصل الشركة المستهدفة على زيادة في المبيعات بسبب شعبيتها في الصحافة، وكما هو الحال حاليا في هذه اللحظة، قامت بعض الشركات التي تمت مقاطعتها برفع أسعارها في جميع أنحاء العالم تعويضا عن المقاطعة، وطالما أن قاعدة العملاء الأساسية تتبعها، فلا ينبغي أن تتأثر أرباحها.
في أحسن الأحوال، تقلل المقاطعة المحلية من المبيعات المحلية، وتؤثر على الشركات المحلية التي تستضيف هذه العلامات التجارية، في حين تبقى نسبة أرباح الامتياز دون تغيير بالنسبة للشركة الأم التي اتخذت في معظم الحالات خطوات استباقية لتقليل الضرر المباشر.
في الوقت الحاضر هناك جوانب جديدة من معادلة المقاطعة التقليدية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهذا يشمل درجة تسلل المنتجات والشركات المستهدفة إلى حياتنا، وما إذا كان هناك أي بديل مساو أو أفضل لهذه المنتجات.
ومع الطريقة التي نعيش بها حياتنا والسيطرة غير المكتشفة التي تمارسها حفنة من الشركات على حياتنا اليومية، ربما ينبغي لنا إعادة تعريف المقاطعة باعتبارها بصمة، مثل بصمة الكربون في مجال الطاقة الخضراء.
في نهاية المطاف، يعتمد انخفاض مبيعات الشركة أو زيادتها على طبيعة القضية التي تكمن في قلب الجدل، والأهم من ذلك على المعتقدات السياسية لقاعدة عملائها الأساسية.
dr_randa_db@