ينتشر الاعتقاد بأن المرأة أقل فسادا من الرجل، حتى بين المتخصصين في التنمية البشرية. الاختلافات في أنماط السلوك الطبيعية، خاصة النفور من المخاطرة، قد تفسر جزئيا الاختلافات بين الجنسين في السلوك الفاسد وتعطي بعض الأدلة، لكن لا يوجد دليل ملموس يثبت هذا الافتراض الشائع، واقترحت مشاركة المزيد من النساء، خاصة في الحكومة للحد من الفساد.
فقد تحدى العلماء هذا الافتراض مؤخرا، ومع ذلك، فإن فكرة أن النساء أقل فسادا من الرجال ربما لا تكون بلا أساس، فهل النساء فعلا أقل فسادا من الرجال؟
تتمثل الخطوة الأولى للإجابة عن هذا السؤال في مجرد مقارنة البيانات القطرية حول الفساد مع البيانات المتعلقة بعدم المساواة بين الجنسين، وعند مقارنة البيانات من مؤشر عدم المساواة بين الجنسين المدرج في تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة مع مؤشر مكافحة الفساد التابع لمؤشرات الحوكمة العالمية الصادرة عن البنك الدولي (كلاهما لعام 2013)، نجد ارتباطا سلبيا بين مكافحة الفساد وعدم المساواة بين الجنسين. وأكدت التوصية السياسية الصادرة عن البنك الدولي في عام 2001 أن زيادة مشاركة المرأة في المجال العام من شأنها أن تقلل من الفساد. مع ذلك، يمكن أن تكون الارتباطات جذابة، وربما مضللة لأن الارتباط يظهر فقط أنه تتم ملاحظة ارتفاع عدم المساواة بين الجنسين مع ارتفاع مستويات الفساد.
وسرعان ما جادل الباحثون بأن المساواة بين الجنسين وانخفاض الفساد قد يكونان ناجمين بشكل مشترك عن متغيرات أخرى غير محسوبة، مثل الأعراف الاجتماعية، ومستوى الحوكمة والشفافية.
وبالنظر إلى متغيرات التحكم هذه، لم يجد الباحثون الذين قاموا بمزيد من التحقيق في الأمر أي علاقة ذات دلالة إحصائية بين النوع الاجتماعي والفساد. ومن العوامل الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار أن هناك مشاركة أكبر للرجال بشكل عام في مكان العمل، خاصة في مناصب صنع القرار، ما يؤهلهم إحصائيا للحصول على مساحة أكبر للخطأ من نظيراتهم الإناث.
فقد وردت معلومات جديدة حول هذا الموضوع من المجال الأكاديمي، وفي الدراسات الحديثة التي امتدت لأكثر من 10 سنوات، تبين أن الرجال والنساء في مناصب صنع القرار هم على نفس القدر من احتمال الفساد، إذا كانت المساءلة والحوكمة منخفضة. علاوة على ذلك، وفي دراسة حديثة أخرى، وجد أن النساء في مناصب النفوذ يرتبطن بشكل متساو في الرشوة على مستوى الشركات. وتسلط هذه النتائج الضوء أيضا على أن هناك العديد من أصحاب المصلحة المسؤولين في نهاية المطاف عن الفساد، لاسيما الهيئات الرئاسية، حيث أبرزت كلتا الدراستين أن الفساد يصل إلى أعلى مستوياته عندما تكون الحوكمة في حدها الأدنى، بغض النظر عن الجنس أو الصناعة.
في نهاية المطاف، حتى لو لم يكن هناك دليل على أن النساء أقل فسادا من الرجال بشكل جوهري، فإن زيادة مشاركة المرأة لا تزال خيارا سياسيا مرغوبا لأنه يزيد التنوع ليس فقط بين الجنسين، ولكن أيضا في العمر والأخلاق وعملية التفكير، وكلها أمور مهمة وضرورية لمحاربة الفساد.
dr_randa_db@