في عالم اليوم، لا تقتصر المعرفة على النخبة، بل إنها في كل مكان. لقد غير الإنترنت تماما الطريقة التي نصل بها إلى المعلومات، مما يجعل من الممكن لأي شخص يمتلك اتصالا بشبكة الإنترنت أن يصبح خبيرا في أي شيء وهذا أكثر من مجرد اتجاه، إنها ثورة كاملة. نحن نطلق عليه «إلغاء ديموقراطية المعرفة»، وهو لا يغير فقط كيفية تعلمنا، بل يعيد تشكيل القوى العاملة بأكملها وكيفية تفكيرنا في الخبرة، لكن ماذا يعني هذا الأمر لعالم الأعمال والإدارة؟
أولا: إنه يعيد تشكيل معنى أن تكون قائدا تماما، إذ لا يتعلق مستقبل الإدارة بمعرفة كل شيء، بل بمعرفة القليل عن كل شيء.
يحتاج المدير المستقبلي إلى نهج شامل، يشمل مجموعة واسعة من التخصصات. وبدلا من أن يكون متخصصا في مجال واحد فقط، يحتاج القادة المستقبليون إلى فهم أساسي لمجالات متعددة لاتخاذ القرارات بسرعة وفاعلية. ومع تطور التكنولوجيا بسرعة البرق، أصبحت هذه القدرة على التكيف والتعاون أكثر أهمية من أي وقت مضى.
وبالحديث عن التكنولوجيا، يتعين علينا أن نتحدث عن دور البيانات. ففي عالم حيث تتفجر المعلومات عمليا من حولنا، تعتبر البيانات هي المفتاح لفهم كل شيء، وهنا يأتي دور علماء البيانات، الذين يحولون البيانات الخام إلى رؤى تدفع القرارات التجارية. لهذا، لا يحتاج قادة الغد لأن يكونوا خبراء في البيانات بأنفسهم، لكنهم بحاجة إلى معرفة كيفية الاستفادة من علماء البيانات، واستخدام الرؤى القائمة على البيانات لاتخاذ قرارات أكثر ذكاء.
يطلق كيفن كيلي، مؤلف كتاب «ما تريده التكنولوجيا»، على هذه الفكرة اسم «تكنيوم»، إنها شبكة من التكنولوجيات والمعرفة والابتكارات التي تنمو وتتطور من تلقاء نفسها.
التكنولوجيا تتوسع باستمرار، ومع توسعها، فهي تسمح لمزيد من الأشخاص بالتفاعل مع النظام والمساهمة فيه، وهذه هي بالضبط الطريقة التي تعمل بها المعرفة اليوم (لا مركزية ومشتركة وتعاونية).
وكما يشير كيلي، فإن التكنولوجيا لم تعد مجرد أداة بعد الآن، بل أضحت قوة لها زخمها الخاص، وتشكل كل شيء من ممارسات الإدارة إلى حياتنا اليومية.
لا توجد هذه التقنيات في عزلة فحسب، بل إنها متشابكة تعتمد على بعضها لبعضا لتزدهر. ويعكس هذا الترابط داخل التكنولوجيا العلاقات المترابطة الموجودة في الطبيعة.
وتذهب وجهة نظر كيلي إلى ما هو أعمق من ذلك، حيث تشير إلى أنه تماما مثل الأنواع في الطبيعة، فإن التكنولوجيا لديها رغباتها الخاصة للتوسع، حتى انه قدم فكرة أن التكنولوجيا ليست أداة محايدة، بل لها أجندتها الخاصة تماما مثل أي كائن حي. إنها ترغب في التطور والانتشار ودمج نفسها في كل جانب من جوانب حياتنا.
وكما أن الكائنات الحية مدفوعة بغرائز البقاء، فإن التكنولوجيا مدفوعة بغريزة توسيع نطاقها وتحسينها، حيث تسعى التكنولوجيا إلى «العيش» والتكاثر، والتأثير في جميع جوانب المجتمع، من كيفية عملنا إلى كيفية تفاعلنا وحتى كيفية تفكيرنا.
dr_randa_db@