لم يكن يوم 29 سبتمبر 2020م يوما حزينا على الكويت فحسب، وإنما على العالم بأسره، ففقد قائد العمل الإنساني بالنسبة للعالم ليس بالأمر الهين، ولكنها إرادة الله تعالى، ولا اعتراض على قضائه سبحانه وتعالى.
إن سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، صاحب الابتسامة حتى في وجه خصومه يمثل مدرسة رائدة في كثير من مناحي الحياة، فقد كان مدرسة سياسية وديبلوماسية بما تحمل الكلمة من معنى، فأثناء توليه وزارة الخارجية الكويتية عام 1963م أصبح رئيسا للجنة الدائمة لمساعدات الخليج العربي في ذاك العام، وقام بإعطاء المنح دون مقابل للدول الخليجية والعربية، وله العديد من المبادرات لحل الكثير من القضايا العالقة بين الدول العربية.
وتتلخص مدرسته، رحمه الله، بالحكمة، وحل القضايا العالقة بالحوار وتحقيق مصالح الأمة، وكلنا نتذكر أثناء الأزمة الخليجية الأخيرة كيف كان يواصل الليل بالنهار دون كلل أو ملل لحل الخلافات وتجسير الهوة بين الأشقاء، وقد واصل مسيرته وأكملها خلفه صاحب سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه.
وبخصوص قضية الأمة الأولى، فلسطين المحتلة، كانت بوصلة سموه واضحة، وإستراتيجيته بينة، بعدم التعامل بأي شكل من الأشكال مع الصهاينة المعتدين المغتصبين للأراضي العربية والإسلامية، وخاصة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وما إلقاء رئيس مجلس الأمة الكويتي بما يسمى «صفقة القرن» في سلة القمامة، في المؤتمر البرلماني الدولي، إلا برضا ومباركة من سموه، رحمه الله تعالى.
واستطاع، بفضل من الله وعونه، أن يبحر بسفينة الوطن كويتنا الحبيبة وسط محيط ملتهب إلى بر الأمان، وجعل الكويت مركزا للعمل الإنساني، وقبلة لكل من يريد الأمن والسلام.
إن سر حب الكويتيين للشيخ صباح، رحمه الله، يتمثل في تواضعه الجم، وحبه لشعبه ووطنه، فكم رأيناه كثيرا في سيارته بلا موكب فخم أو إغلاق للشوارع، وكلنا نتذكر يوم التفجير الإرهابي بمسجد «الصادق»، في رمضان 1436هـ/ 2015م، وكيف هرع إلى مكان التفجير، غير آبه بخطورة تلم به في مثل هذه الأحداث، وكلمته الخالدة عندما طلب منه رجال الأمن التراجع، قائلا لهم: «هذولا عيالي».
نعم، والدنا الراحل الشيخ صباح، نحن أبناؤك، وسنسير على دربك بعمل الخير وحب الناس، ونقول لك: اطمئن، فقد سلمت الأمانة لأخيك سمو الشيخ نواف الأحمد، الرجل العابد المتواضع، ولا نزكيه على الله، ونعدك بأن نكون نعم الأبناء لنعم الحاكم الشيخ نواف الأحمد، وأن نحافظ على الكويت، وأن نتخذ من عمل الخير والابتسامة الصادقة التي كنا نستشرفها منك شعارا لنا، محافظين على مجتمعنا وديموقراطيتنا، وأن تبقى قضية فلسطين والقدس محور قضايانا، وأن يكون أمن خليجنا والحفاظ على منظومة مجلس التعاون هدفنا.
رحمك الله يا أبا ناصر، وطيب الله ثراك، وجعل مثواك الفردوس الأعلى من الجنة.. اللهم آمين.
[email protected]