رحلة الإسراء والمعراج ذكرى عطرة تعيدنا إلى صدر الإسلام، والتي جاءت ليثبت الله عزّ وجلّ للبشرية أنه سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، وهو جل شأنه لا يحتاج لهذا، ولكن ليثبت للبشرية جمعاء قدر النبي المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أحب خلق الله إليه سبحانه، وليمحص الله تعالى قلوب الناس، فهذا عبدالله بن أبي قحافة رضي الله عنه، عندما قال له المشركون عن رواية النبي صلى الله عليه وسلم حول الإسراء لبيت المقدس والمعراج إلى السماء، معتقدين أنهم سيثنونه عن الإيمان واليقين بالنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام، فكان الرد صاعقا لهم قائلا: أوقال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لقد صدق.
صدقه هكذا حتى دون أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق منه، ثم يعطي التبرير لمن يستمع له، يقول: إني لأصدقه بأبعد من ذلك، بخبر السماء غدوة وروحة، ومن هنا جاءت تسميته رضي الله عنه بالصديق.
ما أروعك يا أكثر الناس صحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم! فعندما يلتفت الناس وقت الشدائد لا يرون إلا الرجال الأفذاذ الذين يؤمنون بالقضية ولا يهمهم من خذلهم.
ذكرى الإسراء والمعراج تربط كل مسلم بمعتقداته، وتوجب تعظيم الله تعالى، وكذلك تربطنا نحن المسلمين ببيت الله الحرام، وشكر الله تعالى على ما يحظى به الحرم المكي والمسجد النبوي من اهتمام ورعاية من المملكة العربية السعودية الشقيقة وحكامها.
وفي المقابل، تبقى غصة في القلب على مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في فلسطين المحتلة، وكيف يتعامل الصهاينة مع المسجد الأقصى وقبة الصخرة وتدنيسهم لحرمة المكان.
المسلمون جميعا مطالبون بحماية المسجد الأقصى من عبث الصهاينة، نحتاج وحدة صف الأمة لطرد اليهود الغاصبين وتحرير المقدسات.
حال المسجد الأقصى هذه الأيام تذكرنا بما قيل للقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي:
يا أيها الملك الذي
لمعالم الصلبان نكّس
جاءت إليك ظلامة
تسعى من البيت المقدس
كل المساجد طهرت
وأنا على شرفي أنجس
وبعد هذه الأبيات، انتفض صلاح الدين وقاد جيشا لتحرير بيد المقدس من الصليبيين.
لن نسعد بالاحتفال بالإسراء والمعراج حتى يعود «الأقصى» والقدس مرة أخرى إلى حضن الأمة، فاللهم عجّل بتحرير مقدساتنا وأرضنا.