ثعلب السياسة الألمانية بسمارك كان نائبا شابا في البرلمان استطاع بدهائه أن يكسب إعجاب الملك فريدريك، حيث عينه وزيرا فأثبت جدارته وأضاف بسياسته الرصينة قوة للدولة وعزز هيبة الملك فأصبح عملة نادرة يصعب التخلي عنه، مات فريدريك وخلفه أخوه ويليام الذي بدوره يكره بسمارك لكنه لا يستطيع تجاهل مهاراته الإدارية والقيادية ورصيده السياسي، خصوصا مع وجود خصوم كثر للملك فوقف بسمارك إلى جانبه وأمده بالقوة وحثه على اتخاذ إجراءات عملية حاسمة عززت من سيطرته ونفوذه، فصار بسمارك نقطة ارتكاز للملك حتى عينه رئيسا للوزراء ثم قام بتوحيد الدويلات الألمانية المختلفة وأصبح مستشارا لألمانيا.
ونتذكر هنا إشارة الفاروق عمر على أبي بكر رضي الله عنهما بعزل القائد الفذ خالد بن الوليد رضي الله عنه، فيجيبه الصديق «من يجزي عني جزاء خالد؟»، صنع من نفسه نقطة ارتكاز فاستحال التخلي عنه.
ووزير خارجية أميركا الأسبق هنري كيسنجر نجا من التصفية السياسية أيام نيكسون ليس لكونهما على وئام بل لأن كيسنجر تترس بعلاقاته الواسعة ونفوذه في المؤسسات الأميركية فكان الاستغناء عنه سيؤدي إلى فوضى عارمة علاوة على دهائه وديبلوماسيته الفريدة.
وقبل أن يقرر الملك لويس الحادي عشر التخلص من أحد المنجمين لديه قال له «إنك تزعم أنك تعرف مصائر الآخرين فأخبرني ما مصيرك؟، وكم تعتقد أنه بقي لك حتى تعيش»؟
فأجاب المنجم: سوف أموت قبل جلالتكم بثلاثة أيام! فأوقف الملك أمر القتل بل وراح يغدق عليه بالهدايا وجعل أبرع أطباء البلاط يهتمون بصحته فكان مصير الملك مرتبطا بمصيره.
حين تصنع من نفسك رقما صعبا مؤثرا ونقطة ارتكاز بتخصص أو مهارة تتبناها وتمنحها جل وقتك وجهدك ستثمر إنجازات ونفوذا تمنحك ميزات فتغدو كالمغناطيس يلتف حولك الآخرون ويصعب التفريط فيك سواء كنت موظفا أو سياسيا أو إعلاميا أو ناشطا اجتماعيا.
al_kandri@