يقوم نواب مجلس الأمة بتقديم اقتراحات من حين لآخر، وطبعا منها الصالح ومنها غير الصالح للتطبيق، فهناك اقتراحات تصبّ لصالح المجتمع ومصلحة الكويت، وهناك اقتراحات ضررها أكبر من نفعها لو تم تطبيقها دون وضعها تحت دراسة من المختصين.
فلو نأخذ بعض المقترحات لكي نتحدث عنها مثل توحيد الرواتب في الكويت وهو اقتراح يبدو أنه يحقق المساواة والعدالة ويمنع الواسطة مثلما هو المرجو منه، لكن في حقيقة الأمر من يعمل بمجال الموارد البشرية يعلم أن الاعتقاد بأن توحيد الرواتب عادل يقع في خطأ كلاسيكي لمن لم يعمل بهذا المجال، لأنه على النقيض هذا الاقتراح سيسبب الظلم واللجوء للواسطات أيضا، فكون هناك محاسب في مؤسسة (أ) ومحاسب آخر في مؤسسة (ب) لا يعني ان الوظائف متشابهة 100%، لأن المؤسسات تختلف في طبيعة عملها وفي حجم وضغوط العمل، وأيضا المهام المناطة للوظيفة.
فماذا سيحدث لو تم توحيد الرواتب؟ سنرى عزوفا عن بعض المؤسسات خاصة التي تحتاج جهدا أكثر بالعمل وإقبالا على المؤسسات الأكثر راحة، وبالتالي تظهر مشكلة أكبر.
لذلك تلجأ بعض المؤسسات لوضع كوادر لتشجيع الموظفين على البقاء فيها. الحل الصحيح لتفاوت الرواتب يكون بتطبيق نظام تقييم الوظائف الذي يعطي لكل وظيفة قيمتها الفعلية ودرجتها الوظيفية وهو معمول به في المؤسسات المتقدمة.
وهناك مقترح آخر حول التخلص من الوافدين الذين لديهم ملف بالطب النفسي وذلك لتحميل الدولة كلفة علاجهم وأيضا لخطورتهم على المجتمع.
ورغم أنني لست بمختص في الأمراض النفسية، لكن ببحث بسيط لا يستغرق ثواني في الإنترنت أستطيع أن أتعرف على بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب، الأرق، الوسواس القهري وغيرها من أمراض قد يصاب بها الإنسان، فالمرض النفسي ليس فقط جنونا أو فصاما بالشخصية بل أمراض تصيبنا جميعا وقد نتعايش معها ولا نشكل خطرا على المجتمع. وللأسف المفهوم المتداول هو ان الطبيب النفسي للمجانين فقط وهذا مفهوم خاطئ.
كما ان ما يتعرض له الوافدون من قلق بسبب «كورونا» واحتمالية الفصل من العمل بسبب سياسة الإحلال (التكويت) وتناقل الموجة العنصرية ضدهم بوسائل التواصل الاجتماعي قد تستدعي بعضهم لمراجعة الطب النفسي للعلاج بدلا من ان تتفاقم حالاتهم وتنعكس سلبيا ولكن المقترح يعاقب المرضى النفسيين بطريقة فظة كأنهم خطر على المجتمع، بالإضافة إلى ذلك، كلفة العلاج النفسي تعتبر اقل بالمقارنة مع باقي التخصصات الطبية والتي تستدعي جراحة واستخدام أجهزة مكلفة.
دور النائب مهم في الرقابة والتشريع ويفترض أن يكون لديه فريق مختص يساعده في صياغة المقترحات، كمواطنين كيف لنا أن نثق بنائب يصيغ مقترحا ضعيفا يستطيع أي شخص غير متخصص أن يكشف عيوبه وهو الذي يشرع ويصوت على قوانين للدولة؟ وحتى بعض الأسئلة تتم صياغتها بشكل عام لا تكشف موطن الخلل وتأتي الإجابة عامة فلا تعكس الصورة الحقيقية، فمثلا عندما تسأل عن التكلفة العامة ولا تعرف من أين أتت التكلفة بشكل تفصيلي ستنخدع بالأرقام وتستنتج استنتاجا خاطئا.
SaqerG@