يشكل التعليم حجر الأساس لتقدم المجتمعات ورقيها، وأيضا يعد رأسمالا للإنسان في سوق العمل، لذا تجد في البلدان الأخرى يقترض الطالب أو والداه من أجل التحصيل العلمي، ولكن بسبب ضمان الوظيفة في الكويت تجد نوعا من اللامبالاة نحو التعليم وأهميته.
واليوم يواجه كل والدين مشكلة في تعليم الانضباط لأولادهم، هذا وقد يواجه الكثير من الوالدين أنفسهم أيضا مشكلة بالانضباط وتستطيع قياسها بحضورهم للعمل والتزامهم بالقوانين. ومن الملاحظ عند كل عطلة أو قبلها يتم إما تأجيل العمل إلى ما بعد العطلة أو الغياب عن العمل والمدرسة، مما أصبحت ظاهرة سلبية تهدد المجتمع.
وقد واجهت مشكلة مع أبنائي لإصراري على حضورهم للمدرسة بينما يؤكدون لي أنه لن يحضر أحد من الطلبة، كأن هناك اتفاقا مسبقا بينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واكتشفت أن هذا السلوك منتشر لدى الجميع بحيث أصبح سلوكا يهدد أهمية تقدير الحضور والتعليم أو العمل. أصررت على حضور أبنائي وفي اليوم التالي عند عودتهم من المدرسة قاموا بالشكوى مني أنني لم أستمع إليهم وأنهم ذهبوا ولم يتعلموا شيئا وجلسوا طوال الوقت بلا فائدة بسبب عدم حضور أغلب الطلاب. وأصبحت في حيرة من أمري هل أربي أبنائي على ما هو صحيح أم أربيهم على ما هو «ماشي»؟
لا أعتقد أنني الوحــيد الذي يواجه هــذه المعــضلة، بل هناك العديد من أولياء الأمور يواجهونها، حيث إن من يلتزم بالصح يكون هو الخسران، فكم من مرة تلتزم بدورك وتجد من يتخطاه ويخلص شغله بينما انت تنتظر أو تدرس وتجتهد لتجد واسطة فلان تجعله يحصل على درجات قريبة منك ومستقبلا يتوظف معك وقد يصبح مسؤولك أيضا.
يجب ألا نجعل الثقافة العامة هي التي تشكل المجتمع بل يجب أن تستخدم الحكومة أدواتها بتشكيل المجتمع. اليوم نجد استجابة لكل مطالبات حتى لو كانت على حساب الصالح العام وما حصل في دور القرآن هو أفضل مثال. ويتحدث الكثير من المختصين عن الفاقد التعليمي خصوصا مع أزمة فيروس كورونا، ولكن يبدو أن فاقد القيم ومنها الالتزام سينضم للفاقد التعليمي، وهو لا يقل أهمية عنها بل يفوقها بالنسبة لي، لأن العلم بلا قيم يصبح لا معنى له. فانعكاس انعدام القيم تجده في العمل والطرقات الفساد وغيرها من جوانب تؤثر سلبا في المجتمع.
أيها الآباء، قوموا بأدواركم واغرسوا الجدية في روح أبنائكم وعلموهم الاستعداد لما هو أسوأ وأننا نعتمد عليهم بالتغيير وعلى الحكومة تشكيل المجتمع نحو الانضباط واحترام التعليم والعمل والقوانين بحيث إذا انحرف أحد يعاقب ويكافأ المجتهد الملتزم، فتشكيل المجتمع يتم بصورة شمولية، وليس بالاعتماد على طرف واحد فقط.
SaqerG@