في كل عام تواجه وزارة التربية معضلة أخلاقية - تربوية في نهاية كل فصل دراسي - ألا وهي ظاهرة الغش، إلى أن وصل بها الأمر إلى الاستعانة بوزارة الداخلية لصد تلك الظاهرة، ولم تقتصر على سلوك الغش ذاته وإنما امتدت إلى تسريب الاختبارات من مطبعة الوزارة، إلى جانب قروبات ترويج الاختبارات، وهذا دليل أن هناك خللا تربويا على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، ومن الأولويات التربوية التركيز على قيم الطلبة بدل التركيز على الاختبارات، وكذلك التركيز على هدف تعويض الفاقد التعليمي للطالب والذي يقدر بـ 5 سنوات مفقودة لجميع المراحل التعليمية.
ولابد من دراسة ظاهرة الغش، من حيث الدوافع - والخلفيات الثقافية - والحالة النفسية والاجتماعية - ووضع خطة خمسية في التركيز على الفاقد التعليمي وتعويضه.
إن التركيز على الاختبارات اعتبره أمرا مخجلا أمام العالم، لأنها تنم عن تراجع وبدائية وقمع الفكر الإبداعي للطالب الذي يجب على المختصين في مجال التربية والتعليم التركيز عليه.
وقبل الدخول في فقرة الحلول الجذرية لابد من توضيح الأمور التي تدفع الطالب اليوم للغش منها:
- قلة الوازع الديني بالصدارة.
- النظرة المادية المسيطرة.
- انحدار القيمة الأخلاقية لدى الكثير من الطلبة.
- تشجيع بعض الآباء لأبنائهم على الغش - وهذا نذير خطر لانحدار القيم لدى الأسرة أيضا.
- انحدار في المهارات التعليمية للمدرس.
- انحدار المهارات التربوية للمدرس.
- تهالك البيئة المدرسية من حيث النظام واللغة المستخدمة داخل مجتمع المدرسة.
وعليه حتى تتمكن وزارة التربية من النهوض، فيجب رسم خطة عمل تركز على الجانب التربوي والتعليمي، وذلك بإيقاف اختبارات نهائية الفصل الدراسي لمدة 5 سنوات على أن يتم استبدالها بالتطبيقات العملية للمواد العلمية والمشاريع الميدانية والتركيز على دور العبادة وإحياء المكتبات العامة في كل مكان والإلزام - بتشجيع الطلبة - على البحث والقراءة وعليه يتم تحديد المستوى التعليمي للطالب، فالممارسات الميدانية والتعليم بالأنشطة يعزز القيمة والهدف ويرفع من المستوى الثقافي للطالب، وهذا هو الهدف من الخطة الخمسية المرسومة لحل الفاقد التعليمي، إلى جانب تعزيز المهارات التربوية للمعلمين والمعلمات وعمل ورش عمل دورية تقوم على توجيه سلوكياتهم باستمرار نحو ما تم رسمه في الخطة المرسومة لتعزيز القيم الأخلاقية والتصدي لسلوك الغش عند الطالب، فظاهر الغش أمر لا يمكن تجاهله ولا صده بالتعاون مع وزارة الداخلية، فالأمر تتوقف عليه أمور مستقبلية في قمة الخطورة، فالقاعدة الأخلاقية تكمن في أن:
كلما عززت وغرست قيمة أخلاقية واحدة بالصدارة فإنها كفيلة في توليد وبناء قيمة أخلاقية أخرى تلقائيا فعلى سبيل المثل: القيمة التربوية «الاستئذان» المشار إليها في القرآن الكريم في تعليم الطفل في سورة النور، فإن قيمة الاستئذان تبنى عليها قيم أخرى منها النظام والالتزام والاحترام عند الطفل.
كما أن العكس صحيح، حيث صد السلوكيات المنحرفة بسلوك ترهيبي قامع - له عواقب وخيمة مستقبليا، وذلك يترتب عليه الفساد في المجتمع بأنواعه.
وآخرا، يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله، ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) (سورة آل عمران: 79).
sheikha_alasfoor@