اتخذ قياصرة وملوك ألمانيا القصور الفخمة في مختلف الولايات الألمانية على مر التاريخ علامة على القوة والثراء والعظمة والملاذ القوي خلف الجدران الحصينة.
لذلك بنيت بطريقة حرفية كي يصعب وصول الأعداء لها واحتلالها، فاعتبرت كأنها قلعة صغيرة داخل محيط قلعة منيعة للمدينة، ومن الملاحظ أن هذه القصور بنيت إما على هضبة جبلية بارزة أو تلال مرتفعة مما يعكس المهابة عند رؤيتها، احتوت هذه القصور على اسطبلات الخيول، والمكاتب الخاصة بالفرسان إلى جانب كنائس صغيرة، ومقابر ذات تماثيل مدهشة، أضحت سمة للطبيعة الألمانية، وبعد عصر النهضة عبر الفن الباروكي الذي تمثل بالرسم والتصوير الراقي في تصميم الغرف والقاعات الفاخرة والمتنزهات والحدائق الزجاجية الخلابة، التي كانت مكانا للعروض والحفلات الكبيرة التي يقيمها الأمراء، لذلك تعتبر القصور بشكل عام في ألمانيا تراثا وطنيا مهما يعكس الحضارة والتفكير الألماني المعماري، ومن هنا تم تشكيل هيئات ومؤسسات في كل الولايات الألمانية الفيدرالية للعناية والاهتمام بها.
ومما هو جدير بالذكر أن هذه القصور كانت محرمة في السابق على العامة ولا يسمح بدخول أحد إليها، ومن وجد متسللا فيها فقد يواجه عقوبة الموت، إلا أنه في العصور الحديثة وخصوصا بعد الثورة الألمانية على آخر القياصرة عام 1918أصبحت أغلب هذه القصور من الممتلكات للعامة للدولة الألمانية، وليست للخاصة ومن ثم فتحت أبوابها العتيقة للناس، الذين اتخذوها مكانا للتنزه والترويح عن النفس، وصارت اليوم تعبيرا عن الرفاهية الرفيعة التي سادت في الماضي، بل إن بعض الفنادق والمطاعم قد اكتشفت هذه الأماكن التاريخية فبدأت تجتذب مرتاديها إلى هذه الدنيا الساحرة، بالإضافة إلى ذلك تحولت بعض هذه القصور إلى مراكز ثقافية متاحة للجميع، وقد توجد فيها أحيانا متاحف تحتوي على مجموعات فنية ومعارض لوحات بديعة ترسم لك صورة رائعة عن الأزمنة التي مرت على القصر وساكنيه، ومن أشهر هذه القصور، على سبيل المثال لا الحصر، «قصر السيد لاند غراف» الحاكم سابقا لولاية هيسن في نهاية العصور الوسطى، والذي أصبح اسمه حديثا «قصر مدينة كاسل» والمعروف بحديقته الخلابة الكبيرة جدا، إلى جانب ذلك قلعة «رابن اشتان» التاريخية والمطلة على هوة سحيقة تثير الرعب والتي توضح استحالة أن تتعرض للهجوم آنذاك من الخلف.
[email protected]