لا يحمل العنوان مبالغة أو مغالاة أو شططا بل حقيقة تقض المضجع وتجعل الحليم حيرانا وتترك ندوبا في النفس. إن الجامعة ليست مؤسسة عادية يمكن التغافل عن أخطاء أو فساد فيها لأنها قلب الدولة النابض ومنها يخرج من يحمل أعباء الدولة ويساعد في تنميتها، ولذلك ينظر بعض الفلاسفة الألمان كالمفكر تل شنايدر إلى «الجامعة على انها أحد أضلاع الدولة الأربعة التي تقف عليها»، فإذا ضعف فيها الإصلاح وظهر منها ما يجعل الطالب يحترق ألما على مستقبل ضاع وجهد طاش بسبب ثلة استخدمت سلطتها للمنفعة وجعلت هذه المؤسسة الأكاديمية أقرب إلى شركة متوارثة فأي خير نرجو منها لخدمة الوطن؟ لقد أضحت جامعة الكويت يا سادة للأسف تفتقد المهنية في التوظيف والدقة في الاختيار والشفافية في القبول وأصبح اختيار الأساتذة والمعيدين في الأغلب قائما على المحاباة في التوظيف وصلات القرابة التي تفتح طرقا لا تنفتح، وإن سلمنا بحق الأقرباء في العمل في الجامعة لكن أصبح الموجود يفوق المعقول!
موضوع التعيين في الجامعة مؤلم وموجع والأشد منه والأنكى في «التطبيقي»! فحكايات التعيين ورد المستحقين المتفوقين لا تنتهي بل صارت أساطير من الخيال التي تجعل المرء فاغرا فاه مما يسمع.
إن المطلوب على وجه السرعة من الحكومة إن أرادت إنقاذ التعليم الجامعي أو من مجلس الأمة القادم الذي نعول عليه بعد الله في إصلاح ما يمكن إصلاحه من فساد منتشر هو إنشاء مركز علمي للتوظيف الأكاديمي يكون أعضاؤه من مؤسسات الدولة الأكاديمية وفق شروط معينة، لينظر في طلبات تعيين الأساتذة والمعيدين في الأقسام العلمية للجامعة والتطبيقي وذلك لتحقيق العدالة بالتوظيف في كل من الجامعة والتطبيقي واختيار الأفضل والأجدر والأكفأ وفق شفافية ومنهجية وعلمية لا تخضع للأهواء والمصالح والصداقة أو الانتقام والتشفي، فيعجز أي أحد أن ينتقدها، وبالتالي ينتشر العدل المفقود والمنافسة الشريفة مما سينعكس قطعا على المستويين العلمي والأكاديمي لهذه المؤسسات ويساعد في تطورها بسرعة بدلا من التقهقر والسقوط الأكاديمي لهذه المؤسسات الأكاديمية في الترتيبين العالمي والعربي، والسبب في هذا معروف وهو التعيين النفعي، وبالتالي سحب صلاحيات تعيين الأساتذة والمعيدين من الأقسام في الجامعات التي يسيطر عليها غالبا من فقد الإنصاف والعدل فحطم بكل صلافة ووقاحة جهود كثير من الشباب الكويتي المتفوق، وعلى هذا فالحاجة لهذا المركز ملحة خاصة مع ارتفاع الشكوى واتساع الدولة وزيادة طلبات التعيين.
لقد أمست القوانين بأيدي بعضهم مثل خيوط العنكبوت تمسك الذباب الصغير بينما تسمح للدبابير باختراقها! فهل يعقل أن يقضي بعض مدرسي الجامعة أوقاتهم في المحاكم بحثا عن حقوقهم المهضومة؟!
فمثلا حين يرفض قسم علمي مع رئيسه تعيين معيد سابق متفوق والأول على دفعته والأول في تخصصه من جامعة ألمانية معروفة ويماطل حتى الرفض القاتل بلا أسباب أكاديمية مهنية فهذا خارج المنطق! بينما نجد رئيس قسم اعتاد وضع العراقيل والعصا في الدواليب للمتقدمين رغم انه قد تم توظيف ثلاثة من أقربائه في نفس القسم مع ابتعاثهم إلى نفس الدولة العربية وتحت إشراف نفس الدكتور المشرف وكل ذلك بمحض الصدفة! والأمثلة عجيبة وأكثر من أن تحصى مع محاولات التكتم الشديدة عليها ! وإلى الله المشتكى.