لأشهر طويلة انقطعت فيها عن الكتابة، بسبب وفاة والدتي، رحمها الله رحمة واسعة، لا أدري ماذا حدث خلالها بشكل دقيق!
هل جف الحبر أم انكسرت الأقلام؟ ولكن تبقى إرادة الله هي الغالبة ويبقى الرضا بقضاء الله وقدره هو خيارنا الوحيد، عدت إلى الكتابة بعدما استفزتني حالة تضارب الآراء حول مشروع البديل الاستراتيجي.
الحـكـومة الـجـديــدة تعاملت بمشروع «البديل الاستراتيجي» محاولة التجاوب مع المطالبات الشعبية والفئوية التي ظل أصحابها ينادون بها منذ سنوات، والذين لم تفلح محاولاتهم سابقا، وجميع الآمال متعلقة بأداء حكومة النواف ويثقون بها وبما يمكن أن تقدمه للناس.
المشروع القديم والذي طرح للمرة الأولى عام 2014 يعد ظاهريا أكثر قدرة على تحقيق معدل أعلى من الشفافية فيما يتعلق بسلم رواتب العاملين بالقطاع العام، إذ يضمن ان تتحقق العدالة بين الفئات الوظيفية، فالراتب فيه يتم تقديره وفقا للحصيلة الإنتاجية وينهي عهد «الأقدمية» ويجعل الموظف الحكومي أكثر قدرة على الإنجاز المهني وهذا بشكل عام شيء جيد في ظاهره، ولكن كيف سيتم تقييم أداء الموظفين، وهل هذا التقييم سيكون أمينا وصادقا بالفعل، أم ستكون فيه مجاملات؟
ورغم أن المشروع الحكومي تعرض لكثير من النقد والهجوم من البعض، وهنا سؤال يفرض نفسه، هل إذا تراجعت الحكومة عن تطبيق مشروع البديل الاستراتيجي في هذا التوقيت فهل هناك بدائل متوافرة تسمح للتعامل مع ملفات عالقة مضت عليها فترة كبيرة دون أن تحل، ودفع المواطن ثمن تأخر التعامل معها، فأزمة كتلك التي يعاني منها المتقاعدون منذ سنوات، ومطالبتهم المستمرة بزيادة معاشاتهم في ظل ارتفاع الأسعار، حتى بات البعض منهم يشعر بأن مطالبهم سيحصل عليها من يرثهم في ظل تأخر الاستجابة لهم.
إذن علينا الاعتراف بأننا جميعا حكومة وشعبا نواجه أزمات، فما الضرر إذا أقر مجلس الأمة المشروع الحكومي وتم تطبيقه بشكل تجريبي حتى ولو على فئات محدودة ممثلة ببعض الوزارات.
وإذا أفلح المشروع في تحقيق المرجو منه يتم توسيع دائرة تطبيقه ليضم فئات أكثر، ولأن المشروع لم يقف عند التعامل مع سلم الرواتب فحسب، بل توسع ليشمل حماية المواطن من التعرض للاستغلال ورفع الأسعار والتي تصاحب كل زيادة تضخها الدولة برواتب العاملين بها، سيكون هناك تقييم شعبي له أيضا.
التأني وعدم استباق الأحداث أعتبرهما الأداتين الوحيدتين للتعامل مع هذا المشروع والذي سيكون بمثابة طوق النجاة لنا في حالة نجاحه، لذا يتوجب عدم مهاجمة المشروع بشكل مطلق دون إبداء أسباب منطقية ووجيهة، وعلى الحكومة أن تعمل على دراسة المشروع بشكل متعمق والاستعانة بالاستشارات المتخصصة وإصلاح أي خلل قد يواجه التطبيق الفعلي له حال إقراره.
ومن يدري؟! فربما كان هذا المشروع بداية لسلسلة من حلول للأزمات التي لاحقتنا على مدار سنوات وتضاعف ثقلها على الكهول، لذا فإرجاء الحكم عليه سيكون أكثر إنصافا له ولحكومتنا، والناس تنتظر مشاريع تنموية وقوانين لصالحها.
[email protected]