جاء خطاب النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، حفظه الله ورعاه، ليكون بمنزلة المصارحة والمواجهة القوية مع الجميع وأمام الجميع، حيث أشار سموه إلى الأخطاء، ووضع يده على جروح أصابت الوطن، كما وضع السلطتين التشريعية والتنفيذية في موقف لا تحسدان عليه، ولعل ذلك هو النتاج الطبيعي لموقفهما من بعض القضايا الوطنية، وما يتعلق بمصلحة المواطنين، وعدم إنصات البعض لما جاء في خطابات سموه السابقة والتي طالما حذر فيها من الانجرار وراء الخلافات والمشاحنات الشخصية، والتي شدد فيها على ضرورة الاتفاق على أن مصلحة الكويت هي الأولى وليست الأخيرة.
والحقيقة أن الحد قد زاد والكيل طفح من تصرفات «بعض» أعضاء السلطتين، لعدم التمكن من تلبية مصالح الوطن والمواطنين، بل على العكس أن البعض منهم قد انصرف وراء تحقيق مصالح شخصية أسماها صاحب السمو الأمير بصفقة «تبادل المصالح»، تلك الصفقة التي امتزجت بالتعيينات لغير أهل الكفاءة، والندب والنقل، ولعل هذا ما جعل سموه قبل أيام قليلة يصدر قرارا بوقف التعيينات لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتجديد، حتى تتم إعادة صياغة الأمور من جديد، ووضع قواعد ولوائح ثابتة تجعل من أهل الكفاءة والاتقان على رأس العمل، وألا تسير الأمور وفقا لأهواء بعض ممثلي الحكومة وأعضاء مجلس الأمة، هذا إلى جانب ما أشار إليه سموه من عبث بملف التجنيس، والإضرار بمصالح الكويت وشعبها.
ومن يتابع جيدا سيعرف أن صاحب السمو الأمير كانت لديه قراءة مستقبلية توصل إليها من خلال حكمته ورجاحة عقله، وذلك عن طريق تحليل المؤشرات التي حدثت منذ فترة، والتي بناء عليها حذر مرارا وتكرارا مما يحدث من انشقاق ليس بالهين بين السلطتين، كما حذر سموه أيضا من عواقب ذلك.
وبعيدا عن الشأن الداخلي سنجد أن بعض الدول المحيطة بنا استغلت حالة «الحرب الباردة» بين الحكومة وبعض أعضاء المجلس وحاولت الاستحواذ على حقوق الكويت الغالية، والدخول في نزاع على المواقع الحدودية مثلما حدث مع إيران ومحاولة فرض سيطرتها على حقل الدرة، والعراق الذي يحاول جاهدا الاستحواذ على خورعبدالله، ولعل هذا ما يؤكد على أن فكرة الانغماس في الخلافات الداخلية ستجلب خسائر فادحة للوطن.
وأخيرا، يبقى خطاب النطق السامي هو الانطلاقة القوية للعهد الجديد، فإن من أخطأ سيحاسب وأن البقاء للمخلصين الذين يدركون حجم المخاطر التي تحيط بنا، وأن التاريخ لن ينسى المصلح والمفسد، ولن تمحى «صفقة تبادل المصالح» إلا بالعودة إلى الرشاد لمصلحة هذا الوطن. ولكل من أدى واجبه بأمانة وإخلاص وأنجز شيئا نقول شكرا، فكلنا نحب الكويت وعلينا العمل من أجلها ولمصلحة أبنائها ومستقبلهم، والله الموفق.
[email protected]