إلى ابنة عمي وابنة خالتي الغالية «ضياء»، عز علي سماع خبر انتقالك إلى جوار ربك، ذلك المصاب الجسيم الذي أثر في القلب أحرج الصدر وأثقلت وطأته أجزاء النفس، فالقلب يجزع والنفس تهلع ولكن إذا حل القضاء وفرض العزاء لقدر الله وأمر الله لا يقابل إلا بالرضا والصبر على ما قضى وأمضى.
وما تمتاز به المرحومة الغالية ضياء سهولة طبعها وليونتها ورحابة صدرها وسعة احتمالها، وحنكتها في التجارب ومصارف الدهور ومصائر الأمور فقد اختبرت وجربت الحلو والمر والعسر واللين، وتتصف المرحومة بمكارم الأخلاق وطيب الأصل، كما جمعت بين نبل الأخلاق وشرف الأعراق وكرم الآداب فهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وهي رفيقة الجود والكرم، تعين الملهوف والضعيف.
وفيها من الخصال الطيبة وحسن الشيم طيبة المعشر إذا عاشرتها سليمة الصدر في الود، لها رأي صائب وناصح ولديها الشجاعة في إبداء الرأي فأخذنا من آرائها الضياء الساطع والحكم القاطع، تبذل الجهد لإسعاد الغير، عفيفة اللسان لا تقول غير الصدق ومآثرها ومناقبها الجميلة لا تعد ولا تحصى كالمسك برائحته الطيبة ومشرقة إشراقة الفجر الأنور وصفحاتها ناصعة البياض ومبهجة.
في مرحلة طفولتنا المبكرة وخلال زيارة المرحومة لمنزلنا كنا نمرح ونلعب بما لدي من ألعاب.
كذلك لا أنسى لحظات الأنس والتسلي معك وخاصة زيارتنا لأرض الكنانة مصر خصوصا في القاهرة، أوائل ستينيات القرن الماضي، ولهونا ولعبنا مع تعالي ضحكاتنا بكل براءة، ويالها من فرحة كبرى عندما نقطف ثمار المانجا من شجرة حديقة البيت المستأجر هناك. وكذلك زيارتنا لمدينة رام الله سنة 1966، حيث نسارع الخطى من منزلنا إلى وادي بطن الهوى القريب منه نطير بجناح السرور فرحا لنمتع نظرنا بمشاهدة أشجار الفواكه المثمرة وأشجار الجوز واللوز ونقطف بعض ثمارها، والغبطة والانشراح تغمر نفوسنا وزيارتنا لم تنقطع سواء زيارتنا لمنزلكم القديم في حولي وهو بنظام بيوت الكويت القديمة الحوش الفسيح والمساحة الواسعة تتوسط المنزل ومحاط بعدة غرف معيشية وكم نستمتع باللعب والركض في هذه المساحة ثم بعد ذلك انتقالكم إلى منزل آخر في ضاحية عبدالله السالم وزياراتكم لنا في بيتنا في السالمية واللهو والاستمتاع بالعوم والسباحة في البحر بحياة وادعة وجميلة وعيشة راضية وما أسعدها من لحظات تلف جوارحنا بالسعادة والحبور، أيام طابت وحسنت بهدوئها نلعب ونرتع بعفوية ومرح وابتهاج تلفنا المودة والعطف.
الغالية ضياء، رحمك الله، لقد خنقتنا العبرة لوداعك، عبرة تتحير بين الجفون والمآقي ولكن هذا هو قدر الله، وإذا حل القضاء لا يقابل إلا بالرضا والصبر.
تغمد الله الفقيدة بغفرانه وأسكنها فسيح جنانه، وغفر الله لها بواسع مغفرته.
[email protected]