روى أحد الشباب قصة حزينة تدمع لها العيون وتحترق لها كل القلوب الحية، حيث كان ضحيتها شاب في مقتبل العمر بسبب تهاونه وعدم إدراكه بأنه سيصبح يوما ما معولا لهدم من خلفه من اهل وأقرباء بالإضافة إلى ما تبقى له من أصدقاء، لأن اكثرهم قد نبذه وابتعد عنه، لقد ترك المسكين والدته تبكي بكل حسرة دون حيلة إلا الفرار لله عز وجل طامعة ان يخفف عنها مصيبتها وأن يُتقبل منها دعاؤها ويكون وسيلة للمغفرة والعفو من المولى عز وجل ومفتاحا لتثبيت قلبه عند السؤال، وحير والده الذي كان ينظر الى وجهه قبل ان ينقله الى مثواه الاخير وكأنه يتساءل في سريرته يا من كنت احسبك قطعة من جسدي لِمَ فعلت فعلتك هذه يا قرة عيني وما الذي حولك وغيرك من شاب وسيم ناضر الوجه الى هزيل الجسد مسلوب الارادة وجمعتنا انا ووالدتك واخوتك وأصدقائك لرؤية خاتمتك بصورة لا تسر قريبا ولا بعيدا وما الذي اضلك لتفرض علينا ان نودعك بساعة مظلمة ليشمت فينا الغيورون والحاسدون؟! سامحك الله يا بني ورحمك وغفر لك.
تساؤلات تدمى لها الأفئدة وتحتار فيها العقول وتتشتت فيها الادمغة، فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الاجهزة الرسمية المختصة والمساعي التي تقوم بها المنظمات الاهلية المحلية والعالمية والوصايا الصادرة من منظمة الامم المتحدة من خلال المؤتمرات والندوات حتى انها حددت وأطلقت على اليوم السادس والعشرين من شهر يونيو من كل عام، اليوم الدولي لمكافحة المخدرات، لنستذكر ويستوعب الناس مصائب هذه الآفة، إلا وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة.
فــلم يتم القضاء على هذه الآفة حتى انها لم تتوقف عند حد معين بل يتضاعف خطرها يوما بعد آخر، فإن ضحايا الادمان في ازدياد والتجار الفاسدون لهذه السموم لم يتناقصوا، علما بأن السجون مكتظة تكاد تتفجر منهم.
ما الاسباب وأين العلاجات ومن ذا الذي يملك الحل الصواب لإنقاذ الامم من هذا السرطان القاتل المدمر للانسان والأرض؟.
كانت لنا تجربة عندما كنت مسؤولا في «الاطفاء»، حيث كلفت برئاسة فريق عمل بالقيام بدراسة الاسباب ووضع الحلول لمعالجة ومساعدة المدمنين من العاملين بالجهاز وإنقاذهم ووقاية زملائهم من الانجراف والوقوع في هذا الفخ، وبالفعل بمشيئة الله تيسرت لنا الظروف وهدانا المولى بالاستعانة ببعض الجهات ومنها لجنة بشاير الخير، للمدمن التائب دور كبير في ارشادنا لهذا السبيل، واستفدنا كثيرا من دعمه الشخصي.
وبفضل من الله جنينا ثمرات مبشرة بالنجاحات، فظهرت بوادر الخير على الشباب وانكشف الغطاء من على المتسببين وأزيل الهم من على كاهل المصابين وأزيح ستار الظلام من على زملائهم.
الأمل عظيم بالله ثم بالأجهزة الرسمية المختصة ذات العلاقة المباشرة بالموضوع للقيام بحملة جادة ودائمة مبنية على رؤية واضحة وأهداف عملية مبنية على مؤشرات حقيقية فعلية، وان تتعاضد معها الاجهزة الرسمية الاخرى والأهلية، ولا ننسى واجــب الأسرة، فــالأب راع وهـــــو مسؤول عن اسرته، وكذلك الام والاخــوان والمعلم والجار، فليؤد كل منا الرسالة ويحمل الامانة بكل صدق وإخلاص، فإن المشكلة ليست اقل أهمية من الفساد المالي او الاداري او الضرر البيئي ولكنها تمس مصير شريحة مهمة وعمود أساسي لوقوف الوطن على أرضية صلبة لمرحلة النهوض والوصول لأعلى القمم.