خطرت على بالي رواية احد الإخوة الأصدقاء والذي كان ضمن الوفد الشعبي جال في ربوع الدول العربية حاملين مسؤولية تفنيد الأكاذيب التي كان يحيكها الغزاة لتبرير اعتدائهم على حرمة الشعب الكويتي وكذلك لتعرية المأجورين لمنعهم من الإساءة لدولة الكويت والكويتيين، ولقد وقعت تفاصيل هذه الحكاية عندما وصلوا إلى ارض الكنانة عاصمة الألف مئذنة في مصر العروبة، حيث قال: بينما كنت على عجلة من أمري للالتحاق بباقي الزملاء لتكملة مهمتنا واذا بطارق خلف الباب فظننت انه قد يكون من المتطفلين فخشيت ان يؤخرني فحملت حقيبتي بعد أن أخرجت بعض الأوراق حتى اظهر عجلتي بالمغادرة، ولكنها كانت مصادفة من غير ميعاد فكان الطارق من أخ فاضل من الذين عشقوا الكويت وأهلها ولم ينسوا أو يتناسوها فهو دكتور من الزملاء المصريين الذين عملوا في جامعة الكويت ولقد تلقاني بالبكاء وعانقني بحرارة ودفء الوالدين.
وتعذر ان كان الوقت غير مناسب لأنه كان مضطرا ولم يتمكن من الصبر عندما علم بوصولي للقاهرة فمد يده حاملا حقيبته باليد اليمنى ومؤشرا عليها باليسرى قائلا: صدقني هذا كل ما ادخرته بعد انتهاء خدماتي بالكويت وكنت أقول للأبناء انه سيحفظ لوقت الضرورة والمحن ولم يخطر على بالي أبدا بأننا سنواجه أزمة اعظم مما انتم فيه يا صديقي، يقول: لم نكن بحاجة للمال ولم يكن أبدا جزءا من أهدافنا فنظرت اليه بكل ما وهبني ربي من مشاعر وإحساس بينما شيء ما ربط لساني ليعيقني عن التعبير بالكلام ولكن المولى وهب لنا اليدين فلم أتمالك مشاعري فعانقته وقبلته على رأسه وأنفه، شاكرا ربي على نعم الأخلاق وعمق الروابط ورفعة القيم التي تتميز بها الشعوب عامة والعرب خاصة وحاولت بإقناعه انني سآخذها منه اذ دعت الحاجة.
فلم يرتد دكتورنا الفاضل عن طلبه ومع قناعته اننا لسنا بحاجة للمال، فالكويت خيراتها كثيرة وخزائنها محفوظة بأغلب الدول بالإضافة الى الدعم الشامل غير المحدود من الاشقاء بمجلس التعاون.
وما ألاحظه في وسائل الاتصالات الحديثة نشر بعض الاخبار المسيئة أو التي تتهم بعض المسئولين أو الشخصيات الوطنية العامة في البلاد ناسين انه لا يجوز لهم ان يكونوا مكلفين بذلك فيجب ان يعلموا أن وراء هؤلاء اسر قد يساء اليها والى مصائر أفرادها في حياتهم الاجتماعية وليعلموا ان هناك جهات رسمية عديدة بالدولة لتوجيه الاتهام وتقديم الشكوى ان كانوا صادقين.
القصد من هذه الواقعة القصيرة بالوقت والعظيمة بالمعنى ومن هذا السلوك الذي لا يتناسب مع أخلاق المجتمع العربي الأصيل والمسلم وانه وبكل بساطة مهما ظننا أو وجدنا من أشرار فإن السواد الأعظم من الطيبين الصالحين، فلا يجوز ان نعمم المساوئ على العوائل أو الشعوب أو الجاليات بسبب بعض من النفر غير الأسوياء بالخلق أو من الذين غلبوا على أمرهم وجرفتهم تيارات الشياطين الى الضلال.
٭ أودّ أن نستذكر جميعا قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).. الى آخر الآية 103 سورة آل عمران.
فإن القوة بالجماعة والضعف بالتشرذم والفرقة هلاك الأمة لتكون لقمة سائغة للأعداء ليسودوا ويقبعوا على القلوب.
٭ أيا كانت الجاليات العربية أو الأجنبية ومهما اختلفت معتقداتهم فهم ضيوف الكويت وواجبنا الإنساني تقدير دورهم وتوفير المساعدات الممكنة لهم فلا يعقل ان تؤخذ جالية بأكملها بجريرة أي منها.
٭ على كل فرد واجبات وحقوق منصوصة بالقانون يجب أن يحترمها والالتزام بها حتى لا تجلب سوءاتهم للمنتمين لنفس العائلة أو الجنسية لأن الخير يخص والشر يعم.
٭ يجب علينا جميعا التقيد بأخلاقيات الحديث والطرح خصوصا بوسائل الإعلام ومن ضمنها وسائل الاتصالات الحديثة وان نعي أن وراء كل مشكلة بين الأحبة لابد أن يكون وراءها عدو مترصد أو مستفيد مغتنم للفرص غير المشروعة.