كيف نستقبل رمضان؟
شهر رمضان هو شهر الجود الحقيقي وشهر العطاء وبه يتقرب الانسان الى ربه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة، ونرى في شهر رمضان الكريم عطاء من الناس يختلف عن سائر الاشهر، فالانفاق يزيد والثواب ايضا مضاعف باذن الله.
عن فضل الجود في رمضان، يحدثنا استاذ الشريعة والامام والخطيب د.عادل المطيرات: في شهر رمضان موسم عظيم للصدقة والاحسان وايصال البر الى الفقراء والمحتاجين والمساكين، فهو فرصة سانحة للباذلين والمعطين.
والله تعالى يقول: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ـ البقرة: 261).
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس، وكان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فالرسول صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة».
وعدد د.المطيرات أراء العلماء بقوله: قال ابن حجر (اجود الناس): اكثر الناس جودا والجود الكرم وهو من الصفات المحمودة، وقوله: اجود بالخير من الريح المرسلة: اي المطلقة، يعني انه في الاسراع بالجود اسرع من الريح، وعبر بالمرسلة اشارة الى دوام هبوبها بالرحمة والى عموم النفع بجوده كما تعم الريح المرسلة جميع ما تهب عليه (فتح الباري: 1/ 30-31).
وفي رواية للامام احمد زيادة عن الحديث السابق: «ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال لا».
واضاف: وفي سنن الترمذي بسند صحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ينادي فيه مناد: يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر اقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة».
قال ابن رجب الحنبلي: وكان جوده صلى الله عليه وسلم بجميع انواع الجود، من بذل العلم والمال، وبذل نفسه لله تعالى في اظهار دينه وهداية عباده، وايصال النفع اليهم بكل طريق، من اطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل اثقالهم (لطائف المعارف، ص306).
وفي صحيح مسلم: «ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئا الا اعطاه، فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع الى قومه فقال: يا قوم اسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة».
وقال ابن رجب: وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور، كما ان جود ربه يتضاعف فيه ايضا، فإن الله جبله على ما يحبه من الاخلاق الكريمة، وكان على ذلك من قبل البعثة.
وفي تضاعف جوده صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فوائد كثيرة منها: شرف الزمان ومضاعفة اجر العمل فيه.
ومنها: اعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعاتهم، فيستوجب المعين لهم مثل اجرهم، كما ان من جهز غازيا فقد غزا ومن خلفه في اهله فقد غزا.
وفي الحديث: من فطّر صائما كان له مثل اجره غير انه لا ينقص من اجر الصائم شيئا (اخرجه الترمذي بسند صحيح).
ومنها: ان الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة كما في حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام واطعم الطعام وادام الصيام وصلى بالليل والناس نيام» (اخرجه الترمذي باسناد صحيح).
واكد ان هذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام، فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث.
ومنها: ان الصيام لا بد ان يقع فيه خلل ونقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما ينبغي التحفظ منه، فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل، ولهذا اوجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث.
وقال: تذكر ايها الصائم ان رمضان يدعوك للبذل والعطاء ورحمة الفقراء والمساكين، وتذكر ان الاموال والكنوز والقصور مآلها الى الزوال والضياع، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم «ما نقصت صدقة من مال» (اخرجه مسلم).
يقول ابن القيم رحمه الله واصفا هديه في الصدقة والإحسان، وواصفا جوده وكرمه عليه الصلاة والسلام: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم الناس صدقة بما ملكت يده، وكان لا يستكثر شيئا اعطاه ولا يستقله، وكان عطاؤه عطاء من لا يخشى الفقر، وكان سروره وفرحه بما يعطيه اعظم من سرور الآخذ بما يأخذه، وكان اجود الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة، وكان اذا عرض له محتاج آثره على نفسه تارة بطعامه وتارة بلباسه، وكان ينوع في اصناف عطائه فتارة بالهبة وتارة بالصدقة وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمن والسلعة جميعا، وكان يأمر بالصدقة ويحض عليها ويدعو إليها بفعله وقوله، فإذا رأه البخيل والشحيح دعاه حاله الى البذل والعطاء.
إلى أن قال رحمه الله: «إذا فهمت ما تقدم من اخلاقه فينبغي على الأمة التأسي والاقتداء به في السخاء والكرم والجود، والإكثار من ذلك في شهر رمضان لحاجة الناس فيه الى البر والإحسان ولشرف الزمان ومضاعفة اجر العامل فيه.
كتاب أعجبني
المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم
كتيب من تأليف سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله.
الكتيب مجموعة من الاسئلة طرحت على الشيخ جمعها ودونها ثم نشرها رجاء ان ينفع بها الله قارئها وسامعها، في ختام الاسئلة والاجابة عليها عرض سماحته نتفا من كلام سلف الامة ومصلحيها حول الاسئلة المجاب عليها ورأيهم فيها.
وكان في ختام الأسئلة المدونة نتفا من كلام سلف الأمة ومصلحيها حول هذا، مؤكدا ان المؤمن الحق ان تكون ضالته الكتاب والسنة الصحيحة فإن كان حلالا عمل به وإن خالف قول فلان من الناس، وإن كان حراما تركه وإن خالف قول فلان من الناس كائنا من كان.
وأشار سماحة الشيخ ابن باز الى قول شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - وقول العلامة ابن القيم - رحمه الله وقول العلامة ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - وقول ابي بكر الآجري - رحمه الله - وقول الشوكاني في «السيل الجرار» وفي نهاية الكتيب استشهد بأقوال بعض الحكماء.
اكتشافات حديثة أثبتها القرآن والسنة قبل 1400 عام
الشمس وتحديد مواقيت الصلاة
قال تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)، لقد حددت الآية مساحة الصلوات الاربع في الزمن الذي يقع بين وقت الزوال عند الظهر الى ظلمة الليل بعد غياب الشمس، وهذه مساحة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم جاءت الآية فخصت الفجر بالذكر (وقرآن الفجر)، اي صلاة الفجر، تلك هي اشارات القرآن العامة في مسألة تحديد الشمس لمواقيت الصلاة، فماذا قال العلم الحديث؟
اشار العلم الحديث بشكل واضح الى دور الشمس في معرفة التوقيت فيقول العلماء: ان التوقيت تدل عليه حركة الشمس الظاهرية، فالظهر الشمس هو عند اي نقطة أعلى سطح الارض، حيث تصل فيها الشمس الى اقصى ارتفاع لمسارها اليومي الظاهري، والتوقيت الذي يحسب فيه موقع الشمس من الارض توقيت موحد وقياسي، فهو يؤخذ في كل مكان من الكرة الارضية، ونظرا لدوران الارض حول محورها فإن الاماكن التي تقع على نفس خط الطول يكون توقيتها المحلي واحدا وينطلق صوت الاذان للصلاة في جميع المآذن لحظة واحدة، واكدت الآية دور الشفق والغسق في تحديد المواقيت كأثر من آثار الشمس (أقم الصلاة لدلوك الشمس)، وكلمة الشفق تعني ذلك الضوء الخافت الذي يوشك على اللمعان قبل شروق الشمس، اما الغسق فهو الفترة التي تضيء فيها السماء بعد غروب الشمس وهما ظاهرتان يقف العلماء امامهما في انبهار كجانب آخر من جوانب الاعجاز الكوني في القرآن الكريم.
فتاوي الصيام
ترطيب الفم
صائم احس بجفاف في فمه آخر اليوم بعد العصر، فهل يجوز ان يستخدم السواك لترطيب فمه؟
٭ السواك لا شيء في استخدامه في اول النهار او في آخره لترطيب الفم او لغير ذلك، بل سنة ومستحب عند بعض الفقهاء، وقد وردت احاديث في هذا ـ كلها فيها كلام ـ منها قول النبي صلى الله عليه وسلم «من خير خصال الصائم السواك» (ابن ماجة 1/ 536 والحديث فيه ضعف).
والذي نراه من اقوال الفقهاء ان السواك جائز ومستحب بشرط ألا يتحلل منه شيء فيصل الى الجوف فإنه يفطر حينئذ، وكذلك فإن ترك السواك بعد العصر افضل خاصة اذا كان مبتلا رطبا حذرا من ان يصل منه شيء الى الجوف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك الاذفر ـ والاذفر: نوع من انواع المسك الجيد» (البخاري 4/ 103 ومسلم 2/ 807).
السفر وقت الظهر أو العصر
شخص يريد السفر في رمضان، فمتى يجوز له الفطر، وهل يصبح مفطرا ولو كان سفره وقت الظهر او العصر؟
٭ اذا كان السفر اثناء النهار فلا يجوز للصائم ان يفطر وعليه ان يتم صيام هذا اليوم، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، ولا كفارة عليه لو افطر.
وذهب الحنابلة الى ان له ان يفطر اذا كان سفره اثناء النهار اذا جاوز مدينته، اي بدأ بالسفر كركوب الطائرة او ابتعاد السيارة عن المدن. واستدلوا بحديث جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج الى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم، وصام الناس معه، فقيل له: ان الناس قد شق عليهم الصيام وان الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون اليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه ان ناسا صاموا فقال: اولئك العصاة (مسلم 2/ 785).
وقالوا: ان الفطر مع السفر كالفطر للمرض الطارئ الا ان الحنابلة قالوا: ان الافضل لمن سافر في اثناء النهار اتمام الصوم، خروجا من خلاف من لم يبح له الفطر، وهو قول اكثر العلماء تغليبا لحكم الحضر كالصلاة.
لكن لو ان المسلم بدأ السفر قبل الفجر، فله ان يفطر باتفاق الفقهاء لأنه متصف بالسفر عند وجود سبب الوجوب.
المضمضة
ما الحكم اذا وصل الماء الى الجوف عند الوضوء بسبب المضمضة وحدث ذلك دون قصد؟
٭ يكره للصائم المبالغة في المضمضة وكذلك الاستنشاق، وقد ورد ذلك في حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فاذا استنشقت فأبلغ الا ان تكون صائما» (تحفة الاحوذي 2/ 67)، وبالنسبة للحكم فإن العبرة بوصول الماء الى الجوف فاذا وصل للجوف خطأ دون قصد فإنه يفطر مطلقا بالغ او لم يبالغ في المضمضة وهذا عند الحنفية والمالكية، وقال به الشافعي واحمد اذا بالغ في المضمضة فإن لم يبالغ في المضمضة فإنه لا يفطر مثله في ذلك مثل الناس.
العمل الشاق
هل يجوز الفطر لمن يعمل عملا شاقا في نهار رمضان؟
٭ الأصل هو وجوب الصوم ما دام في كامل صحته وقادرا على الصيام وهو مكلف لقوله تعالى (كتب عليكم الصيام) وقوله عز وجل (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) أما بالنسبة للفطر بسبب العمل فإن ذلك يجوز في أضيق نطاق بأن يكون العمل في ذاته شاقا على هذا الصائم ويكون مضطرا لهذا العمل لا يجد عنه بديلا ولا يمكن اداؤه ليلا وهو مصدر رزقه بحيث لو امتنع عنه انقطع رزقه ففي هذه الحال يجوز الفطر.
مشاهد رمضانية
موائد الرحمن
مظهر يدل على الجود والكرم في الكويت وبلاد المسلمين وهي موائد افطار الصائمين مصداقا لقوله تعالى (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا)، وتأخذ موائد الرحمن في الكويت تأثيرا في التكافل الاجتماعي، حيث تنتهز الجمعيات الخيرية فرصة حلول الشهر الكريم ليقيموا هذه الموائد كل على سعته كنوع من الصدق وفعل الخير.
وهذه الموائد من الاعمال المستحبة والاسلام يشجع على موائد تفطير الصائمين وهو ليس من واجب المجتمع ولكن من سماته الصالحة وصفاته الحسنة.
وهذه الموائد منتشرة منذ مدة طويلة في كل مناطق الكويت ويشرف عليها عدد من المتطوعين لتقديم خدمات للصائمين تتوافق مع أهمية هذا الشهر الكريم.
وهي مظهر من مظاهر التلاحم والتعاون والتسابق إلى الخيرات وإطعام الصائمين ويقوم بها متبرعون. وأصبحت تلك الموائد معلما من معالم الخير والتلاحم في الكويت خلال شهر الكرم والمغفرة والرحمة.
ويعكس ما جبل عليه أهل الكويت أهل الخير من المسارعة للبذل والخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين وقد حرصت الجمعيات الخيرية على توفير أفضل أصناف الطعام والتعاقد مع شركات ذات جودة لينعم جميع المحتاجين بأفكار وخدمات متميزة.
ونجد جميع الجنسيات جلوساً على مائدة واحدة لا فرق بين شخص وآخر ما يشعرهم بالحب والتلاحم والطمأنينة.
أقرأ أيضاً