- مسلسل سريع الإيقاع حافل بالتشويق.. وحبكة جميلة لعدد كبير من الأحداث
- إطلالة مهمة لـرانيا فريد شوقي ولطيفة لـرجاء الجداوي وأداء تمثيلي مميز لـبشرى وطارق صبري وخالد أنور وهبة مجدي
- تبدو كل حلقة وكأنها فيلم متكامل رغم ارتباطها الوثيق بما يسبقها ويليها
محمد بسام الحسيني
«عوالم خفية»، من بطولة الفنان القدير عادل إمام، هو بلا شك أحد أفضل أعمال الموسم جماهيرياً وفنياً. ربما لم يمر على الدراما العربية سابقا مسلسل بإيقاع سريع الى هذا الحد مع حبكة جميلة وواضحة للأحداث رغم كثرتها، بحيث تبدو كل حلقة وكأنها فيلم متكامل العناصر والإثارة والتشويق وفي الوقت ذاته شديدة الربط بما يسبقها ويليها.
لستُ من دعاة الاستخدام السياسي الفني عندما يكون في إطار الدعاية السياسية أو الأدلجة، لكنني معه عندما يكون في إطار الدفاع عن النفس كما هو الحال في مسلسل «عوالم خفية».
مصر لا تواجه خطرا عسكريا وهي تملك أقوى جيش في المنطقة قادر على الدفاع عنها بجدارة، ولكنها في الوقت عينه تواجه خطرا وجوديا أكبر يتمثل في الغزو الثقافي الخارجي والفساد، وهما الهدفان اللذان يطلق عليهما المسلسل النار.
تجتمع في «عوالم خفية» كل العناصر الفنية اللازمة للتميز، بدءا من القصة المثيرة وصولا إلى ربط الأحداث في سيناريو متكامل ومحكم يقدمه 3 مبدعين جدد لا نعرف عنهم سوى أسمائهم وهم: أمين جمال ومحمد محرز ومحمود حمدان.
ينطلق المسلسل من الوفاة الغامضة للممثلة مريم رياض (رانيا فريد شوقي) التي سُجلت كانتحار برمي نفسها من مكان عال في فندق. قبل رحيلها كتبت مريم مذكراتها ودونت كل الأسماء فيها بالحرفين الأولين فقط، تأثرا برواية بوليسية قرأتها.
عايشت مريم، كما تروي في مذكراتها، مجتمعا ينخره الفساد الذي يشارك فيه كل من حولها، زوجها «العرفي» الذي أنجبت منه ابنة انتهت في دار للأيتام واللقطاء وتبين انه تاجر أدوية مغشوشة وتكشف انه صار فيما بعد وزيرا! ومنتجو الأفلام الممولون من الخارج والمنغمسون في الانحراف الجنسي وتجارة الممنوعات وتبييض الأموال.
تقع قصة مريم هذه في يد الصحافي هلال كامل (عادل إمام) الذي يعمل مديرا لصحيفة «نبض الشعب» المصنفة كصحيفة معارضة، لكنه وكما يعرفه رجال المخابرات الذين درسوا ملفه طوال سنوات ليس متآمرا أو انقلابيا، بل هو إعلامي وطني معارض للفساد بكل وجوهه سواء الحكومي أو الفساد المقابل له في صفوف المعارضة.
يجدد المسلسل طرح ومعالجة دور الصحافة النزيهة في كشف الحقيقة وايضا علاقة الصحافة الجدلية بالأمن والتي تتم بالتقارب حيناً والنفور أحيانا، ويقدمها بأسلوب جديد بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وفضاء الانترنت الذي أضاف الكثير من السرعة والإثارة والقدرة على نشر المحتوى بقدر ما يشكل تحديا كونه ايضا وسيلة سهلة للتشهير والتحريض.
على المستوى التمثيلي، يعوضنا الزعيم عما انتظرناه منه في السنوات القليلة الماضية ويقدم باقتدار واندماج واضح في دوره أداء يتماهى فيه مع دور مدير التحرير الصادق والمتحمس والإنساني من جهة والأب المسؤول والمحب لابنته رغم موقفها السلبي منه ولابنه وأحفاده. الى جانب النجم القدير عادل إمام، يسجل المسلسل ظهورا مؤثرا للنجمة رانيا فريد شوقي في دور الفنانة الراحلة «مريم رياض» الذي أعطته حقه شكلا وصوتا، وأداء قويا للممثلة بشرى في دور المحامية «غادة» حيث إننا أمام شخصية صلبة وجبارة وقاسية، كما يسجل ظهورا مميزا للممثل طارق صبري في دور «عماد» ابن هلال كامل ولخالد أنور بدور حفيده «زيزو» وحضورا ملفتا للممثلة هبة مجدي في دور الصحافية «نهى مندور» التي تساند بطل المسلسل، الى جانب الإطلالة اللطيفة والأنيقة للفنانة القديرة رجاء الجداوي، التي مهما صغر الدور الذي تقدمه يكون بحضورها كبيرا في تأثيره والانطباع الذي يتركه لدى المشاهد ووجودها أضاف بالفعل جوا من اللطافة على المسلسل في جانبه الكوميدي. وكان المسلسل قد شهد مشاركة النجم الكبير سمير غانم في إحدى حلقاته كضيف شرف أيضا.
إخراجياً، التكامل واضح بين السيناريو والإخراج الذي يتصدى له المخرج رامي إمام من خلال أدوات المفاجأة والتشويق والإثارة ونقاط التحول الوفيرة في كل الحلقات، ومن خلال أفكار عملية ومنطقية بعيدة عن المبالغات، إلا فيما ندر، لكن يسجل في المسلسل بعض الراكورات الخاطئة والفراغات بعد خروج الشخصيات (مثل نهاية ممول الجريدة التي استمرت بالصدور رغم القبض عليه) لكن من دون تأثير على الصورة العامة والمسار المتميز للمسلسل.
«عوالم خفية» دراما بوليسية - إنسانية - كوميدية هادفة بقدر ما هي ممتعة تتغلغل في أعماق المجتمع وتصوره من الداخل لتكشف لنا الكثير من الأسرار والأمور التي يصعب أن نراها في الخارج.
أقرأ أيضاً:
«خذيت من عمري وعطيت» تمثيل جيد ونص وإخراج عاديان
روتينية قصة الحب الرئيسية سرقت الكثير من وهج «روتين»
«المواجهة».. بطيء الإيقاع
«الخافي أعظم» .. غارق في التقليدية
«الخطايا العشر».. الإخراج يُنعش النص
«عبرة شارع».. مباراة تمثيلية على أرض نص وإخراج جميلين
«عطر الروح».. أشاع عطراً خاصاً في أجواء الدراما
«محطة انتظار».. لفت الأنظار
«مع حصة قلم».. مخيّب للآمال